وكذلك في طبقة ما بعد الصحابة، فالزهري، عن سعيد بن المسيب قال: كذا، أو الزهري أن سعيد بن المسيب قال: محمول على الاتصال دون الانقطاع، لأن سماع الزهري من ابن المسيب صحيح، وذكر ابن رجب أن مراد مالك في التسوية بين "عن" و "أنّ" لعله يعود إلى هذا الذي حكاه أحمد ولم يخالفه.
ونسب ابن عبد البر هذا القول إلى جمهور أهل العلم فقال:"جمهور أهل العلم على أن عن وأنّ سواء، وأن الاعتبار ليس بالحروف، وإنما هو باللقاء والمجالسة والسماع والمشاهدة، فإذا كان سماع بعضهم من بعض صحيحاً كان حديث بعضهم عن بعض أبداً بأي لفظ ورد محمولاً على الاتصال حتى يتبين فيه علة الانقطاع"(١).
الصورة الثانية: أن يكون ذلك القول المحكي عن المروي عنه، أو الفعل مما لا يمكن أن يكون قد شهده الراوي مثل أن لا يكون قد أدرك زمانه، فهذه الصورة التي أنكر الإمام أحمد التسوية بين:"عن عروة أنّ عائشة: " و "عن عروة عن عائشة: " وذلك أن قوله: عن عروة أن عائشة:، ظاهره مرسل لعدم إتيانه بما يبين أنه رواه عن عائشة. ومنهم من يرى أنه متصل، لأن عروة قد عُرف بالرواية عن عائشة، وهو القول الذي حكاه أبو داود للإمام أحمد.
وللحافظ ابن حجر تفصيل آخر قد يكون أقرب إلى مراد الإمام أحمد، وذلك أنه فصّل بين حكاية القول وحكاية الفعل، فذكر أن حكاية القول بـ "أنّ" إذا لم يتعد لمن لم يدركه ـ بأن يقول الراوي مثلاً أن فلاناً قال لي كذا ـ فحكمها حكم "عن" بلا خلاف. وإن كانت الحكاية عن فعل فحينئذ ينظر إن كان الراوي