للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلّم منها قال: "اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم، للسُّبحة بعد المغرب".

فهذا يدل في الظاهر على أنه شهد القصة وسمع من النبي صلى الله عليه وسلم، لكن في إسناد ابن ماجه (١)، والطبراني (٢) من طريق إسماعيل بن عيّاش، عن ابن إسحاق، عن عاصم ابن عمر، عن محمود، عن رافع بن خدِيج فذكره. وفي هذا الإسناد إسماعيل بن عياش، يروي عن محمد بن إسحاق، وروايته عن الحجازيين فيها تخليط كما تقدم (٣).

فهذه الرواية إن كان إسماعيل بن عياش حفظها تدل على أن محمود بن لبيد أرسل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقوله: "أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل" على أن معناه أتى قومَه بني عبد الأشهل، وكذلك قوله: "فصلى بنا المغرب"، أي صلى بقومنا المغرب (٤). على أن الإمام أحمد قد روى الحديث من طريق ابن أبي عدي، عن ابن إسحاق وفيه: "أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد الأشهل فصلى بهم المغرب" (٥)، ورواه بمثل هذا اللفظ ابن أبي شيبة من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن ابن إسحاق به (٦).

وهذه هي الأحاديث التي يمكن أن يستدل بها على سماع محمود بن لبيد من النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ظهر أنها لا تنتهض للاستدلال بها، فثبت ما ذهب إليه الإمام أحمد من إنكاره لقول محمود: [كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم]. وقد أيّد ذلك الإمام


(١) سنن ابن ماجه ١/ ٣٦٨.
(٢) المعجم الكبير ٤/ ٢٥١ ح ٤٢٩٥.
(٣) ص ٣٦٠. وانظر: تهذيب الكمال ٣/ ١٧٤.
(٤) وبمثل هذا التأويل أجاب الحافظ ابن حجر عن الحديثين السابقين ـ الأول والثاني ـ فقال: يحتمل أنه أراد بقوله: نعالنا نعال من حضر ذلك من قومه بني عبد الأشهل الإصابة ٣/ ٣٨٧.
(٥) المسند ٣٩/ ٣٨ ح ٢٣٦٢٨.
(٦) مصنف ابن أبي شيبة ٢/ ٥٣ ح ٦٣٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>