للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدل على أن من المعاني التي يطلق الإمام أحمد النكارة عليها ما كان مخالفاً للمعروف وإن كان راويه ثقة، وهذا المعنى جاري مع معنى اللفظ في اللغة (١).

ومثال آخر:

قال الميموني: "سمعت أحمد بن حنبل وسُئل عن حديث أبي قيس الأودي، مما روى عن المغيرة بن شُعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على النعلين والجوربين، فقال لي: المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفَّين، ليس هذا إلا من أبي قيس، إن له أشياء مناكير" (٢).

وذكر عبد الله مثله أيضاً:

قال عبد الله: "حدّثتُ أبي بحديث الأشجعي ووكيع، عن سفيان، عن أبي قيس، عن هُزيل، عن المغيرة بن شعبة قال: [مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الجوربين والنعلين]. قال أبي: ليس يُروى هذا إلا من حديث أبي قيس، قال أبي أبى عبد الرحمن ابن مهدي أن يحدث به، يقول: هو منكر ـ يعني حديث المغيرة هذا لا يرويه إلا من حديث أبي قيس" (٣).

ذكر الإمام أحمد هذا الحديث من مناكير أبي قيس، وهو عبد الرحمن بن ثروان الأودي الكوفي. قال عنه أحمد: هو كذا وكذا، روى عنه الأعمش، وشعبة، وسفيان، وهو يخالف في أحاديث (٤)، وهذا كناية على تليينه، وبين وجه نكارته


(١) وهناك وجه آخر لرد هذا الحديث، لكن لم يذكره الإمام أحمد وإن كان جارياً على منهجه، وهذ الوجه هو ما ذكره ابن القيم قال: ردوا هذا الحديث لهم مأخذان، أحدهما: أنه لم يتابع العلاء عليه أحد، بل انفرد به عن الناس، وكيف لا يكون هذا معروفا عند أصحاب أبي هريرة مع أنه أمر تعمّ به البلوى ويتصل به العمل؟ تهذيب السنن ٦/ ٣٢٩ - ٣٣٠.
(٢) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية المروذي وغيره ص ٢١٩ رقم ٤١٧.
(٣) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ٣/ ٣٦٦ رقم ٥٦١٢.
(٤) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ١/ ٤١٢ رقم ٨٧٠.
ووثقه ابن معين، والعجلي. وقال عنه النسائي: ليس به بأس تهذيب الكمال ١٧/ ٢١.
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، هو قليل الحديث، وليس بالحافظ الجرح والتعديل ٥/ ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>