للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً: كان ثبتاً، ما كان أثبته، لا يكاد يخطئ (١).

فتفرد مثل أبي أسامة مقبول على أصل الإمام أحمد، وإنما مال إلى تضعيفه لما قيل أن يحيى القطان خالفه، فروى الحديث عن عبيد الله، عن نافع مرسلاً، فمن أجل هذه المخالفة ردّ تفرد الثقة الثبت أبي أسامة في روايته لهذا الحديث.

وقد تابعه عبد الله العمري، فرواه بمثل روايته مختصراً. أخرجه ابن عدي من طريق عبد الله بن وهب عنه (٢)، والعمري وإن تكلم فيه من ناحية حفظه، فهو ممن يعتبر به، فلا يبعد أن تكون رواية أبي أسامة محفوظة، والله أعلم (٣).

لكن هناك قرينة أخرى جعلت الإمام أحمد ينكر رواية أبي أسامة، وهي كون رواية يحيى القطان للحديث عن عبيد الله مرسلا كانت نقلا من كتاب عبيد الله، وهذا أضبط وأتقن ما يكون في صحة الرواية.

قال المرُّوذي في حديث عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر في مثل قصة ذي اليدين، فقال: "كان يقول ـ يعني أبا أسامة ـ عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، ثم يقول: عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر مثله. وقال: قال يحيى بن سعيد: إنما هو في كتاب عبيدالله مرسل، وما ينبغي إلا كما قال يحيى، وأنكره" (٤).

ومن صوَر خروج الإمام أحمد عن أصله في هذا الباب قبوله لتفرد من لم يبلغ منزلة المبرّز المشتهر بالحفظ، وإن كان يشمله وصف الثقة، وذلك حيث كانت هناك قرينة دلت على مزيد الثقة بصحة ما روى، كأن تكون روايته


(١) الجرح والتعديل ٣/ ١٣٣.
(٢) الكامل في ضعفاء الرجال ٤/ ١٥٢٠.
(٣) أما البيهقي فقبل روايته بدون متابعة. قال: تفرد به أبو أسامة، وهو من الأثبات السنن الكبرى ٢/ ٣٥٩.
(٤) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية المروذي وغيره ص ١٤٧ - ١٤٨ رقم ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>