للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعلوا حد الجهالة رواية أقل من اثنين عن الراوي وارتفاعها برواية اثنين عنه فأكثر.

وأما الإمام أحمد فمنهجه في ذلك يختلف، فالنظر في صنيعه في هذا المضمار يدل على أنه رحمه الله لا يعتبر رواية عدد معين من الرواة عن الراوي حداًّ فاصلاً لما ترتفع به جهالتُه عنده، ويدل على ذلك أمور، منها:

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: "قلت لأبي: سعيد بن جمهان (١) هذا، هو رجل مجهول؟ قال: لا، روى عنه غير واحد: حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، والعوام بن حوشب، وحشرج بن نباتة" (٢).

فاعتل رحمه الله لعدم جهالته براوية جماعة من الرواة عنه ـ وعددهم أربعة ـ مما يدل على أن من روى عنه جماعة بهذا العدد لا يوصف بالجهالة.

وسأله عبد الله أيضاً عن نافع مولى أبي قتادة (٣) فقال: "معروف، روى عنه صالح بن كيسان وأظن الزهري" (٤).

فجعله معروفاً مع أنه لم يذكر له راوياً غير صالح بن كيسان والزهري.


(١) سعيد بن جمهان ـ بمضمومةٍ وسكون ميم ـ الأسلمي البصري أبو حفص. ذكر له المزي ستة من الرواة، وروى عن سفينة مولى رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تهذيب الكمال ١٠/ ٣٧٦، وتهذيب التهذيب ٤/ ١٤، المغني في ضبط أسماء الرجال ص ٦٢.
وقد وثقه أحمد في رواية المروزي العلل ومعرفة الرجال ـ برواية المروذي وغيره ص ١٠٦ رقم ١٧٣، وأبو داود وغيرهم. وقال فيه ابن حجر: صدوق له أفراد تقريب التهذيب ٣٩٢٩.
(٢) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ٢/ ٣١٤ رقم ٢٣٩٠.
(٣) هو نافع بن عباس ـ ويقال له: الأقرع ـ أبو محمد مولى أبي قتادة. روى له الجماعة، وذكر المزي جماعة رووا عنه غير صالح بن كيسان، والزهري، ووثقه غير واحد.
انظر: تهذيب الكمال ٢٩/ ٢٧٨ - ٢٧٩.
(٤) العلل ومعرفة الرجال ـ برواية عبد الله ٣/ ٧٣٢ رقم ٤٥٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>