للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: أنواع التأويل]

وفيه مطلبان:

المطلب الأول: بيان النوع الأول وهو التأويل الصحيح الذي يُحمَدُ طَالِبُهُ

هذا التأويل من شأن صاحبه محاولة معرفة مراد الله تعالى دون أن يكون له هوى أو غرض آخر؛ ولذلك فهو يهتم بالقرائن والضوابط والأدلة؛ فإذا حتم ذلك التأويل وكان المعنى لا يستقيم بغير ذلك مال إليه؛ وإلا فهو لا يؤول ما لا يقبل التأويل ولا يقول بالمجاز في المواضع التي لا تحتمل المجاز، ولا يصرف المعنى عن ظاهره إذا كانت الدلائل تشير إلى أن المعنى الظاهر هو المقصود، وإذا كان المؤول يتغلغل وراء الظواهر والألفاظ مستخرجًا منها المعاني الحسان والدقائق الفريدة فهذا وجه مطلوب لا يهتدي إليه إلا من آتاه الله بصيرة ثاقبة وعقلًا لماحًا وطبعًا صحيحًا وفهمًا عاليًا وإدراكًا متميزًا، ولذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن العباس، رضي الله عنهما، وهو حبر الأمة بقوله: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" (١) (٢).

ومن صوره "البحث عن تفسير الأسماء والصفات ومعرفة معانيها على الوجه الذي تعرفه العرب من كلامها، فنحن نعرف معاني ما أخبرنا الله به من معاني أسمائه وصفاته سبحانه، كما نعلم معاني ما أخبرنا الله به من نعيم القبر وعذابه، وقيام الساعة، والبعث


(١) قوله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ فقِّههُ في الدِّين". بهذا اللفظ فقط، ففي صحيحي البخاري ١/ ٤١ رقم ١٤٣، ومسلم ٤/ ١٩٢٧ رقم ٢٤٧٧ أما الحديث بطوله: (اللهمَّ فقِّههُ في الدِّين وعلمه التأويل) فهو في مسند الإمام أحمد ٤/ ٢٢٥ رقم ٢٣٩٧، ٥/ ٦٥ رقم ٢٨٧٩، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم ٢٥٨٩.
(٢) مشكلات التأويل، مقال عن موقع أهل التفسير/ لجمال الدين عبد العزيز، بتاريخ، ٨/ ٣/ ١٤٣٠ هـ.

<<  <   >  >>