للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: مهنته

- قال الألوسي (١٢٧٠ هـ): «اختلف فيما كان يعانيه من الأشغال، فقال خالد بن الربيع: كان (نجارًا) بالراء، وفي معاني الزجاج: كان (نجادًا) بالدال، وهي على وزن كتان، كذا هو بخط جماعة من الأئمّة، وهو: من يعالج الفرش والوسائد ويخيطها، وأخرج ابن أبي شيبة، وأحمد في الزهد، وابن المنذر، عن ابن المسيب أنه كان (خياطًا)، وهو أعلم من النجاد» (١).

- وقال البغوي (ت: ٥١٦ هـ): «وقال سعيد بن المسيب: كان (خياطًا)، وقيل: كان راعي غنم، فروي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة، ألست فلانًا الراعي؟ فبم بلغت ما بلغت؟ قال: بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني» (٢).

- وقال القرطبي (ت: ٦٧١ هـ): «كان (يحتطب) لمولاه حزمة حطب، وقال لرجل ينظر إليه إن كنت تراني غليظ الشفتين فإنه يخرج من بينهما كلام رقيق، وإن كنت تراني أسود فقلبي أبيض» (٣).

- وقال ابن الجوزي (ت: ٥٩٧ هـ): «وَفِي صِنَاعَتِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

أحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ (خَيَّاطًا)، قَالَهُ: سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ.

وَالثَّانِي: (رَاعِيًا)، قَالَهُ: ابْنُ زَيْدٍ.

وَالثَّالِثُ: (نَجَّارًا)، قَالَهُ: خَالِدٌ الرَّبْعِيُّ» (٤).

- وقال ابن كثير (ت: ٧٧٤ هـ): «أنه كان (قاضيًا). في زمن داود عليه السلام» (٥).

- وقال الطبري (ت: ٣١٠ هـ): «وقال مجاهد: إنه كان (قاضيًا) على بني إسرائيل» (٦).

ومما سبق من الروايات يتبين أنه: عَمِلَ وامتهن مهنًا كثيرة ومتعددة، ومختلفة وهي:

١) نجارًا.

٢) نجادًا.

٣) خياطًا.

٤) راعيًا للغنم.

٥) حطابًا لمولاه قبل أن يُعتَق من الرق.

٦) قاضيًا على بني إسرائيل.

ولا تعارض في أنه امتهن كل هذه الأشغال والمهن، فبعضها متقارب ويمكن الجمع بينها كالنجاد والخياط، وكذلك يمكن الجمع بين مهنتي الرعي وجمع الحطب، وقد يكون تنقل بين هذه الحرف وتلك المهن، من حرفة إلى حرفة ومن مهنة إلى مهنة، لم لا وقد عُمِّر ألف سنة، فما الذي يمنع من تنقله بين هذه الأشغال وتلك المهن والحرف في هذا العمر الطويل والأمد المديد البعيد، والذي يندر مع طوله وتنقله من مكان إلى آخر- الثبات على مهنة أو صنعة أو حرفة واحدة، ولربما خُتم له بالاشتغال بالقضاء بعد أن امتن الله عليه وآتاه الحكمة وظهرت عليه آثارها، والله أعلى وأعلم بالصواب.


(١) تفسير الألوسي (٢١/ ٨٣).
(٢) تفسير البغوي (٢/ ٢١٥).
(٣) تفسير القرطبي (١٤/ ٢١٥).
(٤) ابن الجوزي (٦/ ٣١٨).
(٥) ابن كثير البداية والنهاية (٢/ ١٢٣).
(٦) تفسير الطبري (١٨/ ٦٧)، وكذلك فتح القدير (١/ ١١٤٢)، وينظر: مسند أحمد (٣/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>