ولا شك أن في ذلك تعليمًا للأمة بأسرها ودعوة للاقتداء به والتأسي بتربيته وتعليمه -صلى الله عليه وسلم-، والمعني بذلك أولًا هم العلماء والمربون من الدعاة وسائر الهداة المصلحين.
وفي عظيم فضل ومكانة نبذ الشرك وتحقيق التوحيد ما ورد في الحديث القدسي قال الله تبارك وتعالى:«يا بن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا بن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم، إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة»(١).
وفيما سبق من نصوص التنزيل دلالة واضحة على عظم شأن عقيدة التوحيد والعمل بها والدعوة إليها وتعليمها للناشئة وتربيتهم وتنشئتهم عليها وأنها نهج جميع النبيين المرسلين عليهم الصلاة والسلام.
ومما لاريب فيه أن البدء بتعليم العقيدة التي هي أساس الملة وأسّ الدين، وغرسها في نفوس الناشئة منذ نعومة أظفارهم من أوجب الواجبات وأهم المهمات المتحتمات كما أسلفنا، وإن تعليم باقي الواجبات يأتي تبعًا لأساس الملة وأصل الدين، كما أنه يجب تقديمها على كل الواجبات كما بدأ لقمان في موعظته وتعليمه ولده.
خامسًا: أن تربية الناشئة على عقيدة التوحيد صمام أمان لهم:
فالاهتمام بتعليم الناشئة عقيدة التوحيد الخالص وتربيتهم على هذا المعتقد وتنشئتهم عليه هو من أعظم وأَجَلِّ أسباب حفظهم من الأفكار المنحرفة والعقائد الدخيلة، وأقرب لقبولها لموافقتها لفطرة الله التي فطرهم وجبلهم وصبغهم عليها، وإذا تربى الناشئة على عقيدة الفرقة الناجية والطائفة المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة، كان ذلك من أَجَلِّ وأعظم أسباب حفظهم من أمراض الشهوات وعلل ومزالق الشبهات ومن سبل الانحراف والانجراف
(١) صحيح الترمذي للألباني (ح ٣٥٤٠)، وفي (السلسلة الصحيحة (١٢٧.