للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الخامس: بيان الفَرْق بين التفسير والتأويل

وفيه ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: بيان اختلاف العلماء في بيان الفَرْق بين التفسير والتأويل، وفي تحديد النسبة بينهما

١. قال أبو عُبَيدة بن المثنى النحوي (١)، وطائفة: هما بمعنًى واحد، وعليه فهُما مترادفان، وهذا هو الشائعُ عند المتقدِّمين من علماء التفسير، كالإمام ابن جرير وغيره (٢).

٢. قال الراغب الأصفهاني: التفسيرُ أعمُّ من التأويل، وأكثرُ استعماله في الألْفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجُمَل، وأكثر ما يُستعمَل في الكتب الإلهية، والتفسير يُستعمل فيها وفي غيرها (٣)، فالتفسير إمَّا أن يُستعمل في غريب الألفاظ كالبَحِيرة والسائبة والوَصِيلة والحَام، أو في تبيين المراد وشرْحه؛ كقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]، وإمَّا في كلام مضمَّن بقِصَّة لا يمكن تصوُّرُه إلا بمعرفتها؛ نحوَ قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: ٣٧].

وأمَّا التأويل: فإنَّه يُستعمَل مَرَّةً عامًّا، ومرةً خاصًّا، نحو (الكفر) المستعمَل تارةً في الجحود المطلَق، وتارةً في جحود الباري خاصَّة، و (الإيمان) المستعمل في التصديق المطلَق تارة، وفي تصديق دِين الحقِّ تارة، وإمَّا في لفظ مُشْتَرك بين معانٍ مختلفة، ونحو لفظ (وجد) المستعمل في الجد والوجد والوجود (٤).

٣. قول السيوطي في الإتقان: قيل إن التفسير: هو ما وقع مبينا في كتاب الله تعالى، أو معينا عليه في صحيح السنة لأن معناه قد ظهر واتضح. والتأويل: هو ما استنبطه العلماء، ولذا قال بعضهم التفسير هو ما يتعلق بالرواية والتأويل هو ما يتعلق بالدراية " (٥).


(١) أبو عُبَيدة: هو معْمَر بن المثنى النحوي العلامة، يقال: إنَّه وُلِد سنة ١١٠ هـ، توفي سنة ٢١٣ هـ، تاريخ بغداد: (١٣/ ٢٥٢).
(٢) مجاز القرآن (١/ ٨٦)، تحقيق: سزكين، ط: الخانجي، الإتقان في علوم القرآن: (٤/ ١٦٧).
(٣) الإتقان في علوم القرآن) ٤/ ١٦٧ (.
(٤) البرهان (٢/ ١٤٩)، والتفسير المفسرون (١/ ٢٠).
(٥) يُنظر: الإتقان للسيوطي: (٢/ ١٧٣ - ١٧٤).

<<  <   >  >>