ولا شك أن المعني هو الصفات (الخُلُقية) التي بها علو شأن المؤمن وسموه ورقيه لأعالي درجات الكمال البشري، وبها عزه وكرامته عند خالقه ومولاه، كما قال سبحانه:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: ١٣]، والتي حبا الله لقمان أحسنها وأكملها وأشملها وأطيبها وأنماها وأزكاها وأعلاها. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»(١).
صفاته الخُلقية:
وأما عن أهم صفاته الخُلُقية فإنه: كان عبدًا صالحًا، ومربيًّا حكيمًا، جليل القدر، عظيم النفع، ومن أظهر ما يدل على ذلك ما وهبه الله وحباه من محاسن الصفات، وما أجراه على لسانه وما أنطقه به من الحكمة، وما تكلم به من المواعظ الجليلة في تربية ابنه على منهج متكامل الأركان تام البنيان، شامل لخيري المعاش والمعاد، شامل لبناء المسلم بناءً صحيحًا، عقديًّا وإيمانيًّا وأخلاقيًّا واجتماعيًّا وتربويًّا.
ولعظم قدر تلك الوصايا التربوية والأبوية الجليلة، خلدها المولى جل في علاه وأصبحت مُسطرة في كتابه المجيد، وأكرم قائلها بإعلاء ذكره في العالمين وشرفه بالذكر في كتابه العزيز بورود سورة في خاتم كتبه على خاتم رسله، ضمن شريعته الغراء الخاتمة، يذكر فيها وتحمل اسمه، لتُصبِح مواعظه الحكيمة والجليلة والبليغة نبراسًا يضيء الطريق للأجيال المؤمنة، ويؤصل لهم معالم الهدى وسبل الرشاد، ويوضح لهم الطريق المستقيم، والسبيل القويم الموصل لرضوان الله في الدنيا، وجنته يوم التناد، إنها سورة كريمة تحمل اسمه، وتتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، يتلوها أهل الإيمان زُرافات، وَوُحدانًا، يتلونها في صلواتهم وهم في محاريبهم وقوفًا بين يدي ربهم، يتلونها في خلواتهم وجلواتهم، نعم، لقد خلد الله تعالى فيها فصوص حكمه البليغة، ومنهجه الأبوي التربوي الأصيل، والذي يُعدُّ منهاجًا تربويًّا متكاملًا