بكل صوره، وسلموا من الآفات الشركية والبدعية والفكرية والسلوكية والأخلاقية، لأن أهل السنة والجماعة وسطٌ بين الفرق الغالية والجافية، فكما أن أهل الإسلام فيهم الوسطية بين أهل الملل والشرائع، فكذلك أهل السنة والجماعة بين الفرق والطوائف المنسوبة للإسلام كما قال سبحانه:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة: ١٤٣]، أي: عدولًا خيارًا، ولا شك أن الواقع يشهد لذلك.
سادسًا: بيان أهمية واجب المربين والمعلمين والقائمين على التعليم تجاه هذا الجانب العظيم:
فعلى المربين والدعاة والمصلحين والقائمين على مناهج التعليم في بلاد الإسلام فهم هذا الجانب العظيم فهمًا صحيحًا، وأن يولوه ما يستحق من العناية وما يجب عليهم تجاه الناشئة وتعليمهم عقيدة التوحيد الخالص، ووضع مناهج عقدية متلائمة مع مراحلهم العمرية تدريجيًّا منذ مراحل عمرهم الأولى، وذلك في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة، وهي متوافرة وبكثرة ولله الحمد، وذلك قبل أن تصل إلى فطرتهم يد الردى فتغير وتبدل ما جبلوا وما فطروا عليه من معالم التوحيد الخالص.
يقول ابن القيم:«فإذا كان وقت نطقهم فليلقنوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، وليكن أول ما يقرع مسامعهم معرفة الله سبحانه وتوحيده، وأنه سبحانه فوق عرشه ينظر إليهم ويسمع كلامهم، وهو معهم أينما كانوا»(١).
أول وصايا لقمان لابنه:
بعد هذا البيان يتبين لنا أن لقمان عليه السلام لما ابتدر ابنه بتصحيح المعتقد وتأسيس الملة بهدم الشرك وبيان معالم التوحيد، لم يأت ببدع من القول؛ بل وافق بحكمته التي آتاه الله نهج النبيين والمرسلين عليه الصلاة والسلام وسائر عباد الله المصلحين.
فكان في طليعة موعظته ووصاياه لابنه بأن حذره من الشرك ونهاه عنه، فالنهي عن الشرك