١ - لمّا أكمل الله تعالى ما أراد من نفي الشك عن القرآن، وإثبات أنه هدى للمتقين، وذلك من أول سورة، بعد الفاتحة، وهي سورة البقرة، واستدل على ذلك فيما تبعها من السور، حتى آخر «براءة» التي هي سورة غزو الروم .. !!
ولمّا أكمل سبحانه كذلك ـ ما أراد من إثبات حكمته تعالى، وذلك من أول سورة «يونس» واستدل على ذلك فيما تبعها من السور إلى أن ختم سورة «الروم».!!
فقد ابتدأ -من هنا- دورًا جديدًا على وجه أضخم من الأول، إذ وصفه من أول هذه التالية للروم، وهي لقمان، بما وصفه به في التالية لغزو الروم، وهي يونس، وذلك الوصف هو الحكمة، وزاد أنه: هدى، وهداية للمحسنين، فهؤلاء أصحاب النهايات، والمتقون هم أصحاب البدايات.
٢ - أنه تعالى قال فيما قبل:{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ}[الروم: ٥٨]، وقد أشار إلى ذلك في مفتتح هذه السورة.
٣ - أنه تعالى قال في آخر ما قبلها:{وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ}[الروم: ٥٨]، وقال هنا:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا}[لقمان: ٧].
٤ - المؤاخاة بينهما في الافتتاح بـ {الم}[لقمان: ١].
٥ - لما قال تعالى في الروم:{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ .. }[الروم: ٥٦]، قال هنا: {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)} [لقمان: ٣ - ٤]، وهذا: هو عين يقينهم بالآخرة! كما أنهم المحسنون، الموصوفون بما ذكر.
٦ - وأيضًا ففي كلتا السورتين: جملة من الآيات، وابتداء الخلق.
(١) البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور - مرجع سابق- (١٥/ ١٤١).