للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: موضوع السورة الكريمة]

وفيه بيان ما يلي:

أولاً: مقصود السورة الكريمة:

«إن مقصود السورة هو إثبات الحكمة للكتاب، اللازم منه حكمة منزله سبحانه في أقواله وأفعاله، وموعظة لقمان ـ المسمى به السورة ـ دليل واضح على ذلك» (١).

فالمتأمل في سورة لقمان يجد أن مقصودها وموضوعها الرئيس الذي تدور حوله هو الحكمة ولذا فقد تكرر لفظ الحكمة فيها على النحو التالي:

أ- وصف الله كتابه بأنه حكيم في صدر السورة، فقال تعالى: {الم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (٢)} [لقمان: ١ - ٢]. وجاء التعبير عن الآيات باسم الإشارة -تلك- للدلالة على ارتفاع مكانتها في بلاغتها ومعناها.

ب- وصف الله سبحانه نفسه بالحكمة وأنه الحكيم تبارك وتعالى، فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩)} [لقمان: ٨ - ٩]، فهو الحكيم في أقواله وأفعاله وأقداره التي يجريها على العباد وله الحكمة البالغة سبحانه وبحمده.

ج- وصف الله عبدًا من عباده وهبه وآتاه الحكمة فقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: ١٢]. ثم جاء بعد ذلك ذكر وصايا لقمان لابنه، ومن تدبر وتفهم هذه الوصايا تبين له حكمته ورجاحة عقله. وحق للمرء أن يغبط الحكيم على عقله، قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق و رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها» (٢).


(١) ينظر: البقاعي، نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (١٥/ ١٤٠).
(٢) حديث (رقم: ٧٤٨٨) في صحيح الجامع -الألباني- وأصل الحديث رواه البخاري (١٤٠٩).

<<  <   >  >>