للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٢ - الزكاة مطهرة للعبد من الذنوب وتزكية له ولماله]

قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣].

يقول الطبري: «يقول -تعالى ذكره- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: يا محمد، خذ من أموال هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم فتابوا منها {صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} من دنس ذنوبهم {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} يقول: وتنميهم وترفعهم عن خسيس منازل أهل النفاق بها إلى منازل أهل الإخلاص» (١).

ويقول ابن سعدي: «وفيها أن العبد لا يمكنه أن يتطهر ويتزكى حتى يخرج زكاة ماله، وأنه لا يكفرها شيء سوى أدائها؛ لأن الزكاة والتطهير متوقف على إخراجها» (٢).

والمسلم إذا تطهر من شح نفسه وبخلها، وألف إنفاق المال وبذله لله، وإيصاله لمستحقيه، قوي قلبه وزكت نفسه، وارتقى من وحل البخل والشح، وسلك مسلك المفلحين كما قال ربنا: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)} [التغابن: ١٥ - ١٦].

والشحُّ من كسب النفس الأمارة بالسوء؛ ولذا نُسِبَ إليها كما قال ربنا: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} [التغابن: ١٦].

٣ - الزكاة تربية للمؤمن على التراحم وَخُلُقِ شعور الجسد الواحد ومبدأ التكافل الاجتماعي:

إن روابط الأخوة الإيمانية والألفة والمحبة ثمرة من ثمار أداء الزكاة ودفعها لمستحقيها؛ لأن النفوس مجبولة على محبة ومودة من يحسن إليها، وبذلك التكافل الاجتماعي يعيش المسلم في مجتمع أخوي يسوده الحب والود والوئام.

و بذلك تشيع روح المحبة والترابط بين أفراد المجتمع وتذوب الفوارق الاجتماعية، ويصبح أفراد المجتمع المسلم كالجسد الواحد، وهذه الأخلاق الحميدة من مقاصد الشريعة في الزكاة.


(١) الطبري (١٤/ ٤٥٤).
(٢) ابن سعدي (٣/ ٢٣٩).

<<  <   >  >>