الأمّة، ويبعث الإحساس بمعنى الإخوة والتكامل بين المؤمنين فيُشد ظهر المؤمنين وتقوى عزائمهم وتُرغم أنوف المنافقين وتضعف معنوياتهم ويُمَّكن لهذه الأمة في الأرض وتنتصر على أعدائها ويُدفع عنها العقوبات وتنجو من عذاب الله وينتفع الخلق وتقام الحجة عليهم وتستنزل الرحمة من الله تعالى وتصلح حياة الأمة بجميع جوانبها (١).
أولاً: تربية الأبناء وشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن تربية الأبناء لا بد أن تكون كاملة الأركان شاملة كل جوانب التربية، وهذا ما عناه لقمان في موعظته لولده، فبعد أن أسس فيه أعظم الجوانب ألا وهو جانب التوحيد وهو حق الخالق سبحانه وهو أعظم الحقوق، جاءت الوصية بأعظم الحقوق بعد حق الله ألا وهي الوصية بالوالدين، ثم جاءت بعد ذلك الوصية بمراقبة الله حتى يعظم الله في قلبه وتتحقق خشيته والخوف منه سبحانه، ثم تلتها الوصية ببيان سعة علمه سبحانه واطلاعه على خلقه ليكتمل البنيان، وبعد ذلك تهيأ لأن يعبد الله حق عبادته فجاء الأمر بالصلاة، ثم ينتقل لقمان في موعظته لابنه من عبوديته للخالق بإقام الصلاة إلى عبوديته سبحانه مع الخلق، فيوصيه بمخالطتهم ودعوتهم والصبر على ما يناله من أذى بسبب ذلك في ذات الله سبحانه، والسعيِ إلى التأثير في نفوسهم، بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ودعوتهم إلى الله تعالى؛ وتلك الرسالة العظيمة من عزائم الأمور وهي من المهام العظيمة التي أُنيطت بالرسل الكرام عليهم السلام، الذين خالطوا الناس وصبروا على الأذى في ذات الله ومن أجل إبلاغ الحق للخلق، فلم يعكفوا على عبادة ربهم متبتلين في صوامعهم، ولم يعيشوا في عزلة عن مجتمعاتهم، مخلفين وراءهم أعظم مهمة وأَجَلَّ رسالة، فلهم فيهم أسوة حسنة، بلاغًا وصبرًا واحتسابًا.
وبعد أن صلحت نفسه واكتملت بالفضائل تهيأت لأن تصلح غيرها وأن يكون الابن داعيًا
(١) حكمة الشارع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قُدم لندوة تقوية الإيمان وزيادته (الدورة السابعة) المنعقدة بجامعة الإيمان بتاريخ ٦ - ٨/ جماد أولى/ ١٤٣١ هـ، الموافق ٢٠ - ٢٢/ إبريل/ ٢٠١٠ م. (ص ٢٨).