للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: بيان القول الراجح من أقوال العلماء في بيان معنى التفسير والتأويل]

ولعلَّ أظهر الأقوال وأولاها بالقَبول: هو أنَّ التفسير: ما كان راجعًا إلى الرِّواية، والتأويل: ما كان راجعًا إلى الدِّراية؛ وذلك لأنَّ التفسير معناه الكشْف والبيان، والكشْف عن مراد الله تعالى لا يُجْزَم به إلا إذا وردَ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أو عن بعضِ أصحابه الذين شَهِدوا نزولَ الوحي، وعلموا ما أحاط به من حوادثَ ووقائع، وخالطوا رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن الكريم.

وأما التأويل: فملحوظٌ فيه ترجيح أحدِ محتملات اللفظ بالدليل، والترجيح يَعتمِد على الاجتهاد، ويُتوصَّل إليه بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها في لُغة العرب، واستعمالها بحسب السِّياق، ومعرفة الأساليب العربية، واستنباط المعاني من كلِّ ذلك (١).

قال أبو نصر القُشَيري (٢) قال الزَّركشي (٣): ويُعتبَر في التفسير الاتباع والسَّماع، وإنما الاستنباط فيما يَتعلَّق بالتأويل.

قال الزَّركشي: وكأنَّ السبب في اصطلاح كثير على التفرِقة بين التفسير والتأويل التمييزُ بين المنقول والمستنبَط؛ ليحمل على الاعتماد في المنقول، وعلى النظر في المستنبط، تجويزًا له وازديادًا، وهذا من الفروع في الدِّين (٤).


(١) التفسير والمفسرون: (١/ ٢٢).
(٢) هو: الإمام المفسِّر أبو نصر عبد الرحيم بن شيخ الصوفية أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النيسابوري النحوي المتكلم، مات سنة ٥٢٤ هـ، سير أعلام النبلاء: (١٩/ ٤٢٤).
(٣) البرهان في علوم القرآن (٢/ ١٦٥)، دار الكتب العلمية.
(٤) الإتقان في علوم القرآن (٣/ ١٦٧)، والبرهان (٢/ ١٧٢)، والتفسير والمفسرون: (١/ ٢٢).

<<  <   >  >>