للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ مَقْدُورِهِ شَيْءٌ؛ فَقَالَ: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ} الآية» (١).

ثالثًا: بيان لأهم الجوانب التربوية المستفادة من الآية الكريمة:

قال تعالى: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦)} [لقمان: ١٦].

بعد إلقاء الضوء على بيان أهم ما ورد في الآية السابقة من معان في كلام أهل التفسير نلقي الضوء على أهم الجوانب التربوية المستفادة من الآية الكريمة:

١ - فإن من جليل وصية لقمان لابنه ووعظه له، أن حثه على مراقبة الله تعالى في سره وجهره، وأعلمه بسعة علمه تعالى واطلاعه على خلقه، وأنه سبحانه قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كل شيء عددًا، وأن المظلمة والخطيئة مهما بالغ العبد في إخفائها فإن الله تعالى يَعْلَمُهَا، ويُظْهِرُهَا، ويَأْتِي بِهَا يوم القيامة للحساب فيُوَفِّيَه جَزَاءَها.

٢ - وفي الآية الكريمة توجيه للمربين لسلوك مسلك لقمان في تربية الناشئة على مراقبة الله واستحضار سعة علمه واطلاعه على أحوال وأعمال عباده وإن دقت وخفيت على عموم خلقه، يقول الله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤].

ويقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٥)} [آل عمران: ٥]، ولأن الله تعالى ما ذكر مواعظ لقمان لابنه في كتابه إلا لتكون نبراسًا يُحتذى، ومثالًا تربويًّا يُتأسى به، ومنهاجًا للتربية الإيمانية الصالحة التي تُحقق الطمأنينة، وتُنال بها سعادةُ الدارين، وهذه الوصايا وتلك القواعد التربوية ليست لولد لقمان فحسب، بل هي مثال وأنموذج تربوي متكامل الأركان تام البنيان موجه لجميع الأجيال المسلمة المتعاقبة على مرّ الأزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.


(١) الرازي (٧/ ١٨٧).

<<  <   >  >>