للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عاشرًا: بيان ما ورد في أسباب نزولها:

قال أبو حيّان: «سبب نزول هذه السّورة أنّ قريشًا سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن موعظة لقمان مع ابنه، أي: سألوه سؤال تعنّتٍ واختبارٍ. وهذا الّذي ذكره أبو حيّان يؤيّده تصدير السّورة بقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: ٦]» (١).

قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت: ٦٤٣ هـ): «وقيل: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قدم المدينة أتاه اليهود فقالوا: يا محمد، بلغنا أنك تقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥] أفعنيتنا أم عنيت قومك؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: «عنيت الجميع»، فقالوا: يا محمد، أما تعلم أن الله تعالى أنزل التوراة على موسى عليه السلام، وخلفها موسى فينا، وفي التوراة أنباء كل شيء؟! فقال -صلى الله عليه وسلم-: «التوراة وما فيها من الأنباء قليل في علم الله تعالى». فأنزل الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان: ٢٧] إلى آخر الآيات الثلاث، وباقيها مكي» (٢).

قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: ٨٥٥ هـ): «وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} [لقمان: ٣٤]، نزلت في رجل من محارب بالمدينة» (٣).

ويرى الباحث: أنه ليس ثَمَّ مانع من تعدد أسباب النزول و النازل واحد.


(١) التحرير والتنوير (٢١/ ١٣٧ - ١٣٨).
(٢) جمال القراء (١/ ١٥)، ولم يقف الباحث على سند ثابت يصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكره السخاوي في سبب نزول الآية إلا ما تكرر ذكره من المفسرين في سبب نزولها على نحو ما ذكر السخاوي، ولذا ذكرها الباحث بصيغة التمريض.
(٣) عمدة القاري (١٩/ ١٥٩).

<<  <   >  >>