للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكذب، لكن معناه الرخصة في الحديث عنهم على معنى البلاغ؛ وإن لم يتحقق صحة ذلك بنقل الإسناد؛ وذلك لأنه أمر قد تعذر في أخبارهم؛ لبعد المسافة وطول المدة ووقوع الفترة بين زماني النبوة. وفيه دليل على أن الحديث لا يجوز عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا بنقل الإسناد والتثبت فيه» (١). اهـ.

الثاني: ما جاء مخالفًا لشريعتنا:

وأما «ما جاء مخالِفًا لما في شرعنا، أو كان لا يُصدِّقه العقل، فلا تجوز روايته؛ لأن إباحة الله للرجوع إلى أهل الكتاب، وإباحة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للحديث عنهم، لا تتناول ما كان كذبًا، إذ لا يعقل أن يبيح الله ولا رسوله -صلى الله عليه وسلم- رواية المكذوب أبدًا» (٢).

- قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «وما شهد له شرعنا منها بالبطلان فذاك مردود لا يجوز حكايته، إلا على سبيل الإنكار والإبطال» (٣).

الثالث: ما جاء مسكوتًا عنه في شرعنا:

وأما «ما سكت عنه شرعنا، ولم يكن فيه ما يشهد لصدقه ولا لكذبه، وكان محتملًا، فحكمه أن نتوقف في قبوله فلا نصدقه ولا نكذبه»، وعلى هذا يحمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تُصدِّقوا أهل الكتاب ولا تُكذِّبوهم» (٤)، أما روايته فجائزة على أنها مجرد حكاية لما عندهم، لأنها تدخل في عموم الإباحة المفهومة من قوله عليه الصلاة والسلام: «حدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» (٥)، (٦).

قال الحافظ ابن كثير: هذا «محمول على الإسرائيليات المسكوت عنها عندنا، فليس عندنا


(١) العظيم آبادي، عون المعبود (٦/ ٤٨٨) طبعة دار الحديث/ القاهرة.
(٢) الإسرائيليات والموضوعات في التفسير والحديث - د. محمد حسين الذهبي، (ص ٤٩).
(٣) ابن كثير (١/ ٧) البداية والنهاية.
(٤) البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة البقرة، باب: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا (٤/ ٤٢١٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٥) صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب أحاديث الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل (٦/ ٥٧٢) برقم: ٣٤٦١) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.
(٦) الإسرائيليات الذهبي، (ص ٤٩).

<<  <   >  >>