للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: ما يتعلق بالتأويل من جهة:

"ضوابطه وشروطه"، ومن جهة: "حكمه ومعناه"

وفيه مطلبان:

[المطلب الأول: أهم شروط وضوابط التأويل الصحيح عند المتأخرين]

أهل التأويل الفاسد لهم في تأويلهم مقصدان إما أنهم يقصدون بتأويلهم إبطال معنى شرعي صحيح، وهذا النوع هو أكثر ما يتطرقون إليه، وإما أنهم يقصدون بتأويلهم إبطال لفظ شرعي صريح، ولذلك وضع أهل العلم شروطًا للتأويل الصحيح، ومن أبرز ما ذكروا في هذا الشأن ما يلي:

١. أن يكون اللفظ المرادُ تأويله يحتمله المعنى المؤول لغة أو شرعًا؛ فلا يصح على هذا تأويلات الباطنية التي لا مستند لها في اللغة أو الشرع، بل ولا العقل.

٢. أن يكون السياق محتملًا، مثل لفظ (النظر) فهو يَحْتَمل معانيَ في اللغة، ولكنه إذا عدِّي بـ: (إلى) لا يحتمل إلا الرؤية.

٣. أن يقوم الدليل على أن المراد هو المعنى المؤول.

٤. أن يسلم دليل التأويل من معارض أقوى؛ فإذا اختل شرط من الشروط فهو تأويل فاسد.

مثال للتأويل الصحيح: قال الله عز وجل: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧]، فقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن النسيان هنا هو الترك" (١) وقد دل على هذا التأويل تصريحًا قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤]، وقوله سبحانه: {فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: ٥٢] (٢).


(١) يُنظر الدر المنثور للسيوطي (٧/ ٤٣١).
(٢) يُنظر: إرشاد الفحول للشوكاني ص ١٧٧، والتوضيحات الأثرية على متن الرسالة التدمرية للشيخ فخر الدين المحيسي ص ١٨٥.

<<  <   >  >>