وإن أقوم طرق التربية الإيمانية المتكاملة هي التي تُسْتَقَى من هذا الكتاب المبارك، ومما ورد من تلك المناهج في كتاب الله تعالى، منهج لقمان التربوي المتكامل في ضوء موعظته ووصاياه لابنه، وقد مرّ معنا بيان هذا المنهج الحكيم الذي حاز تزكية الرب تبارك وتعالى وثناءه على المربي الحكيم، ومنهجه القويم، وخلد ذكره في كتابه ليكون عبرة لكل معتبر، ومنهجًا أصيلًا وموردًا عذبًا زلالًا لكل وارد ظمآن، ليرتوي من معين هذا المنهج المبارك، وسبيلًا رشيدًا لكل حيران يبحث عن سبيل النجاة وسلوك طريق الهدى الرشاد.
والباحث بعد أن نهل من هذا المورد العذب الزلال توصل بحمد الله لنتائج جمة يبرز أهمها فيما يلي:
أولاً: عظم شأن التوحيد:
وأنه أول واجب على العبيد، ولذا بدأ لقمان بالأمر بنبذ الشرك المتضمن تحقيق التوحيد الذي هو أعظم حق من حقوق الله في رقاب جميع العبيد، فيجب العناية بهذا الجانب لعظم شأنه ولما يترتب عليه من حسن العاقبة في العاجل والآجل.
ثانيًا: مكانة بر الوالدين من الدين:
إن مجيء الوصية بحق الوالدين في غير ما موضع من كتاب الله مقترنة بأعظم الحقوق وأَجَلِّهَا ألا وهو حق الله في توحيده وإفراده بالعبودية، فيه دلالة قاطعة على عظم حقهما ووجوب برهما والإحسان إليهما، ثم الوصية بالأم خاصة فيه إشارة ودلالة على مكانتها وفضلها وعظيم قدرها وحقها ووجوب برها والعناية بها عناية خاصة، وإن برّ الوالدين من أوجب الواجبات المتحتمات في جميع الأحوال والأوقات.
ثالثًا: وجوب برِّ الوالدين ولو كانا مشركين:
إن طاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- طاعة مطلقة، وطاعة سائر المخلوقين طاعة مقيدة بالمعروف -ومنها طاعة الوالدين- لا تكون كذلك إلا في المعروف، أما إنْ أمرا بالشرك وما دونه من