للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان مذهبه الفقهي مذهبًا متبَعًا تفقَّه به كثير من أصحابه ومن جاء بعدهم، حفظه في كتبه الفقهية خاصة كتابه "اللطيف"، وقد عد ابن النديم له أصحابًا وتلامذةً في باب جعله خاصًّا بهم في فهرسته، وكان من أشهرهم المعافى بن زكريا بن طرار (٣٩٠ هـ).

وكتبه كلُّها شاهدة بهذا، خصوصًا ما ألفه في الفقه خاصة مثلَ كتابه اختلاف الفقهاءالمسمى

"اختلاف علماء الأمصار"، وكتاب "لطيف القول في أحكام الشرائع"، وكتاب "بسيط القول" (١).

[الأصل الثامن: عمله بالإجماع وأخذه في الاعتبار]

لا شك أن الأصول التي لا تجوز مخالفتها ثلاثة، ألا وهي: الكتاب والسنة الثابتة الصحيحة، والإجماع اليقيني، ولا شك كذلك في أن الإجماع اليقيني حجة قطعية.

والإجماع الصريح حجة متى حصل، وهو قطعي الدلالة لكنه بعد عصر الصحابة نادر الوجود، ومنه المعلوم من الدين بالضرورة (٢).

وقد قال الله تعالى في ذلك: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥].

ومن خالفه -أي الإجماع- بعد علمه به، أو قيام الحجة عليه بذلك: فقد استحق الوعيد المذكور في الآية (٣).

والإجماع القطعي: هو إجماع السلف المحكي عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم؛ لأن الاختلاف كثر بعد عصرهم وانتشر.


(١) التبصير في معالم الدين: (٤٦) ت. الشبل.
(٢) مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٧٠). العقيدة الواسطية، التنبيهات السنية: (ص: ٣٢٥).
(٣) مراتب الإجماع لابن حزم: (ص: ٧.)

<<  <   >  >>