للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن المتأمل في القرآن المجيد والمتدبر لآياته يجد أن العناية بالجانب الأخلاقي ظهر جليًّا واضحًا بين ثنايا آياته، كما يجد قواعد هذا الجانب وأسسه والتوجيه إلى سجاياه ومحامده في كل أوامره ونواهيه وقصصه وأخباره ظاهرة وجلية أيضًا، ومن جملة هذه الأخلاق الفاضلة ما جاء في وصف وصايا لقمان للجانب الأخلاقي لولده وهو يعظه، وهو موضوع بحثنا هنا.

ثالثًا: الجانب الأخلاقي في وصايا لقمان

قال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩)} [لقمان: ١٨ - ١٩].

الوصية الأولى من وصايا لقمان لابنه في الجانب الأخلاقي

[١ - التحذير من الكبر والتعالي]

قوله سبحانه: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: ١٨]، هذه هي الوصية الأولى من وصايا لقمان لابنه في الجانب الأخلاقي، فبعد تأسيس الجانب العقدي والجانب التعبدي جاءت الوصية بالجانب الأخلاقي كالحلية لتلك الجوانب جميعًا.

فبعد تلك الوصايا جميعًا يأمر لقمان ابنه بالتواضع وينهاه عن صفة الكبر والتعالي على الناس، فكيف يدعوهم وهو متكبر عليهم، فالكبر مذموم على كل حال ومن كل أحد، فكيف بمن يدعو ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فمن يفعل ذلك لا يجد قبولًا لدعوته عند الناس، ولا أثرًا لتعليمه في نفوسهم، ولا ثمرة مرجوة ولا صدى فعالًا لأمره ونهيه، وقد سبق في موعظة لقمان قوله: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: ١٧]؛ لأن هذا الأمر من مهام النبيين

<<  <   >  >>