للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: مقاصد القائلين بالمجاز

وأهل المجاز قصدوا به التوصل إلى تأويل نصوص آيات الصفات، خلافًا لما عليه أهل السنة من إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل، ونفي ما نفاه الله تعالى عن نفسه ونفاه عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اعتقاد ثبوت كمال ضده لله تعالى.

"وبهذا الباطل توصل المعطلون إلى نفي صفات الكمال والجلال الثابتة لله تعالى في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، بدعوى أنها مجاز، كقولهم في (استوى): استولى، وقس على ذلك غيره من نفيهم للصفات عن طريق المجاز" (١).

"ولهذا نقول للذين حرفوا آيات الصفات وأحاديثها: ليس عندكم قرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي. فإذا قالوا: اليد بمعنى القوة. قلنا: لماذا؟ قالوا: لأن هناك ما يمنع إرادة المعنى الحقيقي- وهو عندهم -: العقل، ما يمكن أن يكون له يد يلزم أن يكون جسمًا، وأن يكون مماثلا للمخلوقات، وهذا ممتنع. ولذلك صار ارتكاب المجاز ركيزة يرتكز عليها المعطلة ومشوا على هذا" (٢).

وأهل السنة على: "التوقف في الألفاظ المجملة التي لم يرد إثباتها ولا نفيها، أما معناها؛ فَيُسْتفصل عنه، فإن أريد به باطل يُنَزَّه الله عنه؛ رُدَّ، وإن أريد به حق لا يمتنع على الله؛ قُبِلَ، مع بيان ما يدلُّ على المعنى الصواب من الألفاظ الشرعية، والدعوة إلى استعماله مكان هذا اللفظ المجمل الحادث" (٣).


(١) مذكرة في أصول الفقه، للشنقيطي: (ص: ٦٩).
(٢) شرح دروس البلاغة، لابن عثيمين: (ص: ١٠٨).
(٣) التدمرية: (ص: ٦٥)، مجموع الفتاوى: (٥/ ٢٩٩ و ٦/ ٣٦).

<<  <   >  >>