للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسًا: المحققون من أئمة أهل السنة على منع القول المجاز

وإن كان القول بوجود المجاز في القرآن محل خلاف عند أهل العلم، إلا أن الصواب هو: ما عليه المحققون من أئمة أهل السنة، وهو أنه: "لا مجاز في القرآن".

وقد بالغ أيضًا في منع المجاز أبو العباس بن تيمية، وتلميذه ابن القيم، بل أوضحَا منعه في اللغة أصلًا، وبه قال أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، وأبو علي الفارسي، كما عزاه لهما ابن السبكي في "جمع الجوامع" (١).

كما قال بذلك جمع من علماء العصر المحققين، منهم: العلامة الإمام ابن باز، والعلامة الفقيه ابن عثيمين، والعلامة المحدث الألباني، ويسوق الباحث جملة من أقوال أهل العلم المحققين الذين أصابوا الحق في القول بمنع المجاز، على النحو التالي:

قال ابن القيم رحمه الله: "فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز ".

وقال رحمه الله أيضًا: " … وأهل اللغة لم يصرح أحد منهم بأن العرب قسمت لغاتها إلى حقيقة ومجاز ولا قال أحد من العرب قط: هذا اللفظ حقيقة ومجاز، ولا وجد في كلام من نقل لغتهم عنهم مشافهة ولا بواسطة ذلك، ولهذا لا يوجد في كلام الخليل وسيبويه والفراء وأبي عمرو بن العلاء والأصمعي وأمثالهم، كما لا يوجد ذلك في كلام رجل واحد من الصحابة ولا من التابعين ولا تابع التابعين ولا في كلام أحد من الأئمة الأربعة " (٢).

ونلاحظ تشديد ابن القيم في المجاز حتى سماه "طاغوتًا"، وذلك لأنه يُتحاكم إليه ويُعول عليه في تأويل صفات الرب جل في علاه عند المعطلة والمؤولة.

قال الإمام أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر الأندلسي القرطبي المالكي (ت: ٤٦٣ هـ): "وحمل كلام الله تعالى و كلام نبيه على الحقيقة أولى بذوي الدين والحق"، وقال: "ومن حق


(١) يُنظر: المصادر المثبتة على هامش النصِّ المحقَّق من كتاب "الإشارة": (ص ١٦٠).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة: (ص: ٢٧١).

<<  <   >  >>