للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: وجوب لزوم الجماعة واتباع سبيل المؤمنين

وفي قوله تَعَالَى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان: ١٥] دلالة على الأمر بوجوب لزوم جماعة المسلمين وعدم شق عصا الطاعة بالخروج عن تلك الجماعة، ومن ثَمَّ لزوم تربية الأبناء على منهج الفرقة الناجية والطائفة المنصورة إلى قيام الساعة أهل السنة والجماعة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وَقَالَ تَعَالَى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان: ١٥] وَالْأُمَّةُ مُنِيبَةٌ إلَى اللَّهِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُ سَبِيلِهَا» (١).

يقول ابن القيم: «قال تعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ} [لقمان: ١٥] وكل من الصحابة منيب إلى الله فيجب اتباع سبيله وأقواله واعتقاداته من أكبر سبيله، والدليل على أنهم منيبون إلى الله تعالى أن الله قد هداهم وقد قال: {وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: ١٣]» (٢).

وقد رضي الله عن الصحابة وعن الذين اتبعوهم بإحسان.

قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٠٠)} [التوبة: ١٠٠].

- ذكر ابن جرير الطبري بأسانيده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال في قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: ١٠٣]، قال: «الجماعة» (٣).

وفي بيان مفهوم الجماعة يقول ابن كثير في تفسيره: «أهل السنة والجماعة المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين، وأئمة المسلمين في قديم الدهر وحديثه» (٤).

وسموا بالطائفة المنصورة:


(١) مجموع الفتاوى (١٩/ ١٧٧ - ١٧٨).
(٢) إعلام الموقعين (٤/ ١٢٠).
(٣) الطبري (٧/ ٧١).
(٤) ابن كثير: أبو الفداء إسماعيل بن عمر، تفسير القرآن العظيم، دار الفكر، بيروت، (١٤٠١ هـ) (٣/ ٤٣٤).

<<  <   >  >>