للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويبين النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مصير المتكبر والمتعالي على الناس فيقول: «لا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرِيَاءَ» (١).

ولماذا لا يدخل المتكبر الجنة؟ لانتفاء حقيقة الذل والخضوع والانكسار لله عنه، وهذه هي أعظم وأَجَلُّ مشاهد العبودية الحقة لله تعالى، وفي مثل ذلك يقول ابن تيمية: الكبر ينافي حقيقة العبوديَّة، كما ثبت في «الصَّحيح»: عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: «يقول الله: العظمة إزاري، والكبرياء ردائي، فمن نازعني واحدًا منهما عذَّبته» (٢). فالعظمة والكبرياء من خصائص الرُّبوبيَّة، والكبرياء أعلى من العظمة؛ ولهذا جعلها بمنزلة الرِّداء، كما جعل العظمة بمنزلة الإزار (٣).

الوصية الثانية من وصايا لقمان لابنه في الجانب الأخلاقي:

[٢ - الأمر بالوقار وترك الخيلاء]

قوله سبحانه: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [لقمان: ١٨].

قال الراغب: «المشي: الانتقال من مكان إلى مكان بإرادة» (٤).

يعاود لقمان الوصية لولده بالبعد عن صفة أخرى من صفات التكبُّر والخيلاء ألا وهي المشْي في الأرض مرَحًا وخُيَلاءً وإعجابًا بالنفس.


(١) أخرجه مسلم (١/ ٩٣) (رقم: ٩١)، وأبو داود (٤/ ٥٩) (رقم: ٤٠٩١)، والترمذي (٤/ ٣٦٠)، (رقم: ١٩٩٨) وقال: «حسن صحيح»، وابن ماجه (١/ ٢٢) (رقم: ٥٩)،
وأخرجه أيضًا: البزار (٤/ ٣٢٣) (رقم: ١٥١٢)، وأبو يعلى (٨/ ٤٧٦) (رقم: ٥٠٦٥)، والشاشي (٢/ ٣٠٩) (رقم: ٨٨٩)، وابن حبان (١/ ٤٦٠) (رقم: ٢٢٤)، والطبراني (١٠/ ٧٥) (رقم: ١٠٠٠٠)، وابن منده في الإيمان (٢/ ٦١١) (رقم: ٥٤٢).
(٢) مسلم (٤٧٥٩).
(٣) العبودية (٩٩).
(٤) مفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني (٢/ ٣٧٧).

<<  <   >  >>