للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤكد ابن كثير نفس المعنى فيقول أيضًا: «وَقَوْلُهُ: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: ١٨] يَقُولُ: لَا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنِ النَّاسِ إِذَا كَلَّمْتَهُمْ أَوْ كَلَّمُوكَ، احْتِقَارًا مِنْكَ لَهُمْ، وَاسْتِكْبَارًا عَلَيْهِمْ وَلَكِنْ أَلِنْ جَانِبَكَ، وَابْسُطْ وَجْهَكَ.

وتصعير الوجه عن الناس مع ما فيه من معنى التكبر، هو الحامل والداعي إلى احتقار الناس وازدرائهم، وهذا المعنى يجليه قول ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي قَوْلِه: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: ١٨] يَقُولُ: لَا تَتَكَبَّرْ فَتَحْقِرَ عِبَادَ اللَّهِ، وَتُعْرِضَ عَنْهُمْ بِوَجْهِكَ إِذَا كَلَّمُوكَ» (١).

وفي ختام معنى الآية يورد القرطبي كلامًا نفيسًا فيقول: «{وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: ١٨] مَعْنَى الْآيَةِ: وَلَا تُمِلْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ كِبْرًا عَلَيْهِمْ وَإِعْجَابًا وَاحْتِقَارًا لَهُمْ. وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ. وَقِيلَ: هُوَ أَنْ تَلْوِيَ شِدْقَكَ إِذَا ذُكِرَ الرَّجُلُ عِنْدَكَ كَأَنَّكَ تَحْتَقِرُهُ; فَالْمَعْنَى: أَقْبِلْ عَلَيْهِمْ مُتَوَاضِعًا مُؤْنِسًا مُسْتَأْنِسًا، وَإِذَا حَدَّثَكَ أَصْغَرُهُمْ فَأَصْغِ إِلَيْهِ حَتَّى يُكْمِلَ حَدِيثَهُ، وَكَذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَفْعَل» (٢).


(١) ابن كثير (٦/ ٣٣٩).
(٢) القرطبي (١٤/ ٦٦).

<<  <   >  >>