للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم شرع بتفصيل منهجه في أصول التفسير مع ذكر الأدلة الشرعية واللغوية، وضرب الأمثلة العملية من القرآن الكريم والسنة وكلام العرب واللغة والشِّعر (١).

ولقد التزم الطبري أحسن طرق التفسير؛ من تفسير القرآن بالقرآن، وتفسيره بالسُّنة المبينة للقرآن والثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم يُتبع ذلك بما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم، وعن التابعين.

وقد التزم الطبري في تفسيره أن يقتصر على ما هو مروي عن الصحابة والتابعين، لكنه لا يلبث في كل آية أن يتخطى ذلك إلى اختياره منها، وترجيح بعضها على بعض بشواهد من كلام العرب (٢).

[منهجه في تناول التفسير بالأسلوب التحليلي]

وتفسير الطبري ذو منهج خاص، يذكر فيه الآية أو الآيات من القرآن، ثم يعقبها بذكر أشهر الأقوال التي أثرت عن الصحابة والتابعين في تفسيرها، ثم يورد بعد ذلك رواياتٍ أخرى متفاوتة الدرجة في الثقة والقوة في الآية كلِّها أو بعض أجزائها، بناءً على خلافٍ في القراءة، أو اختلافٍ في التأويل، ثم يعقب كل ذلك بالترجيح بين الروايات، واختيار أولاها بالتقدمة، وأحقها بالإيثار، ثم ينتقل إلى آية أخرى، فينهج نفس النهج عارضًا ثم ناقدًا ثم مرجحًا؛ وهو إذ ينقد أو يرجح، يرد النقد أو الترجيح إلى مقاييس تاريخية من حال رجال السند في القوة والضعف، أو إلى مقاييس علمية وفنية: من الاحتكام إلى اللغة التي نزل فيها الكتاب، نصوصها وأقوال شعرائها، ومن نقد القراءة وتوثيقها أو تضعيفها، ومن رجوع إلى ما تقرَّر بين العلماء من أصول العقائد،


(١) محمد الزحيلي: الإمام الطبري: (ص: ١٢٠).
(٢) التحرير والتنوير، للطاهر بن عاشور: (١/ ٣٢ - ٣٣).

<<  <   >  >>