للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنشور، والموقف وأهواله، والحساب والجزاء والميزان، والجنة ونعيمها، والنار وأهوالها" (١).

المطلب الثاني: بيان النوع الثاني وهو التأويل الفاسد الذي يُذَمُّ طَالِبُهُ

"التأويل الفاسد بخلاف التأويل الصحيح، إذ يكون فيه لي أعناق النصوص حتى توافق غرض المستدل بها، وهنا يلوح للمستدل معنى ما كان ليلوح له لولا الغرض والهوى، أو قد لا يكون للمستدل غرض أو هوى، ولكنه يخطئ في إدراك المعنى لأمر توهمه ولم تنهض الأدلة أبدًا لإثباته أو تعضيده؛ ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: " أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس" (٢) (٣) ويكون التأويل الفاسد في كل ما ورد في عقيدة لم يُكَلَّف العبادُ بحقائقها وتفاصيلها، ولكن أُمِروا باعتقادها إجمالًا.

ومن أمثلته: "البحث عن حقيقة ما أخبرنا الله به من الغيوب التي لا يستطيع العباد بعقولهم المجردة إدراك حقيقتها، فالله أخبرنا بنعيم القبر وعذابه في عالم البرزخ، كما أخبرنا بالبعث والنشور، والحشر وأهواله، والجنة وأنهارها وثمارها وأطيارها وحورها، والنار وسمومها وحميمها وغسلينها، ونحن لا ندري حقيقة ما أخبرنا الله عنه، قال تعالى نافيًا علم العباد بحقيقة ما أخبر الله به من نعيم أهل الجنة: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: ١٧]، وفي الحديث القدسي: «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» (٤).

وصفات الباري غيب لا نعرف حقيقتها، فالكلام عن الصفات فرع عن الكلام عن الذات، وحقيقة الذات غير معروفة لنا، فكذلك صفاته تبارك وتعالى" (٥).


(١) يُنظر: التأويل، خطورته وآثاره، عمر بن سليمان الأشقر العتيبي المتوفى (١٤٣٣ هـ): الناشر: دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى: ١٤١٢ هـ:، (١/ ١٨ - ٢٠)
(٢) نقل ذلك عنه شيخ الإسلام في القواعد النورانية، (ص: ٣٦٤)، ومجموع الفتاوى (٣/ ٦٣).
(٣) مشكلات التأويل، مرجع سابق، نفس الموضع.
(٤) رواه البخاري (٣٠٧٢) ومسلم (٢٨٢٤) وعنده: (بَلْهَ مَا أَطْلَعَكُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ).
(٥) يُنظر: التأويل خطورته وآثاره، مرجع سابق (١/ ١٨ - ٢٠).

<<  <   >  >>