للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبنحو قول الطبري يقول الشوكاني: (ت: ١٢٥٥ هـ) أحسن تأويلًا: أي أحسن عاقبة من آل إذا رجع وعليه يكون المعنى: أحسن مرجعًا ومآلًا (١).

المعنى الثالث: الحقيقةُ التي يصيرُ إليها الشيء ويرجع، حقيقة الشيء المخبر عنه؛ ومنه قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ} [الأعراف: ٥٣]، قال ابن زيد: "يوم يأتي حقيقته؛ وقرأ قول الله تعالى: {هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: ١٠٠]، قال: هذا تحقيقها"، يقول: "ما آلت إليه رؤياي التي كنت رأيتها"، أي: تحقيق رؤياي (٢).

وقوله: {يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ} [الأعراف: ٥٣]، أي: تحقيقه ووقوعُه، أي: يوم القيامة، قاله ابن عباس رضي الله عنهما (٣): والمعني بذلك والذي يعود عليه الضمير: هو يوم القيامة.

المعنى الرابع: العلة الغائية والحكمة المطلوبة بالفعل؛ ومنه قوله تعالى فيما قصه علينا من قصة الخضر مع موسى عليهما السلام: {سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} [الكهف: ٧٨] (٤).

قال الطبري: يقول: بما يؤول إليه عاقبة أفعالي التي فعلتها، فلم تستطع على تَرك المسألة عنها، وعن النكير على فيها صبرًا، والله أعلم (٥).

وقال البغوي (ت ٣١٧ هـ): تأويل الشيء مآله أي قال له: إني أخبرك لم فعلت ما فعلت (٦).

إذًا فالتأويل: "رجوع الشيء إلى مآله" (٧). وهي معان متقاربة في لفظها ومعناها.


(١) فتح القدير للشوكاني: (١/ ٨٢٤)، تفسير-فتح القدير: الجامع بين فني الرواية والدراية، الشوكاني: محمد بن على بن محمد الشوكاني، دار المعرفة، سنة النشر: ١٤٢٣ هـ -٢٠٠٤ م، عدد الأجزاء: جزء واحد.
(٢) تفسير الطبري-مرجع سابق: (١٦/ ٢٧١).
(٣) تفسير ابن كثير: (٣/ ٤٢٦)، تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير بن زرع القرشي، طبعة: دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت، ط ٥، ١٤١٧ هـ
(٤) ينظر: الصواعق المرسلة: (١/ ١٧٧).
(٥) تفسير الطبري - مرجع سابق: (١٨/ ٨١). ويُنظر كذلك: موقع مركز سلف للبحوث والدارسات، مقال رقم: (١٧٣) بتصرف غير يسير من الباحث.
(٦) تفسير البغوي - مرجع سابق: (١٠/ ٤٠٦)
(٧) فتح القدير للشوكاني - مرجع سابق: (١/ ٨٧١).

<<  <   >  >>