ولعظم شأن العقيدة فإنها تؤثر في جميع جوانب العملية التربوية إيجابًا وسلبًا وذلك لمكانة هذه العقيدة من الدين.
وفي ذلك يقول ابن القيم:«التَّوحيد ألطف شيء، وأنزهه، وأنظفه، وأصفاه، فأدنى شيءٍ يخدشه، ويدنّسه، ويؤثّر فيه، فهو كأبيض ثوب يكون يؤثّر فيه أدنى أثر، وكالمرآة الصَّافية جدًّا أدنى شيءٍ يُؤثر فيها، ولهذا تشوشه: اللَّحظة، واللَّفظة، والشَّهوة الخفيَّة، فإنْ بادر صاحبه وقلعَ ذلك الأثر بضدِّه؛ وإلَّا اِسْتحكم وصارَ طبعًا يتعسّر عليه قلعه»(١).
[الارتباط الوثيق بين الجانب الأخلاقي والجانب التعبدي]
إن ارتباط الجانب الأخلاقي بالجانب التعبدي في كتاب الله ارتباط وثيق والرابط بينهما هو ذلك الرباط الوثيق والأساس المكين المتمثل في عقيدة الإسلام الصحيحة والصافية.
وإن المتأمل في العلاقة بين العبادات والأخلاق يجد بينها رباطًا وثيقًا، ويظهر ذلك جليًّا في مقاصدها وأهدافها وغاياتها، فالمتأمل فيها يجد أن جميع تلك الجوانب تعبدية كانت أم أخلاقية إنما هي وسائل لتحقيق غايات عظيمة ومقاصد وأهداف جليلة، من أَجَلِّهَا تحقيق العبودية وامتثال مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات.
ومن تلك العبادات أركان الإسلام الأربعة: الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج؛ يجدها كلها وسائل لتحقيق غايات عظيمة، وهي من الأمثلة الحية الشاهدة على الترابط بين العبادة والأخلاق في شريعة الله تبارك وتعالى.
أولاً: فريضة الصلاة وعلاقتها بالجانب العقدي والأخلاقي:
فالصلاة صلة بين المخلوق الفقير والخالق الغني، وصلاة الجماعة صلة بين المسلم وإخوانه المؤمنين، وفي إقامتها والمواظبة على أدائها تواصل بين الأجيال المؤمنة على مرّ العصور والأزمان، وفي جميع الأمصار وإن تباعدت الأبدان فرابط العبودية لرب واحد وروح معاني الأخوة الإيمانية تجمع أهل الإيمان، ولها تواصل وامتداد عبر الزمان والمكان،