للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينهاهم عن الرذائل ويجنبهم سيئ الفعال ورديء الأخلاق، وهذا ما فعله هذا العبد الحكيم لقمان مع ولده.

ولقمان عليه السلام هنا يوجه المربين والدعاة والمصلحين من بعده إلى خطر الشرك وعظم شأن التوحيد، وأن تصحيح المعتقد مقدم على كل أمر ذي بال في العملية التربوية، سواء كان في الجانب التعبدي، أو الجانب الأخلاقي، أو الجانب الدعوي، أو الجانب الاجتماعي، أو في غير ذلك من الجوانب التربوية والإصلاحية، وأن صلاح هذه الجوانب وإرساء قواعدها التربوية في نفوس الناشئة متوقف على سلامة وصحة المعتقد المتمثل في نبذ الشرك وتحقيق التوحيد كما تبين معنا ذلك آنفًا.

ولذا كان من حكمة لقمان عليه السلام أن بدأ موعظته لابنه بالنهي عن الشرك والتحذير منه قبل الأمر ببقية الفضائل من بر الوالدين وطاعتهما في المعروف ومراقبة الله وخشيته وبقية الفضائل الواردة في موعظته، وهذه هي قاعدة التخلية قبل التحلية، أو التصفية قبل التربية كما مر معنا وإنما تكرر ذلك الأمر لأهميته ومكانته.

قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٥٦]. فالاستمساك بالعروة الوثقى لا يتحقق إلا بالكفر بالطاغوت أولًا، وهو نبذ كل ما يعبد من دون الله تبارك وتعالى والبراءة منه ومن أهله.

ثالثًا: بيان معنى الطاغوت:

قال ابن منظور: «الطاغوتُ: ما عُبِدَ من دون الله تعالى، وكلُّ رأْسٍ في الضلالِ طاغوتٌ .. » (١).

وقال الإمام ابن القيم: «والطاغوت: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع» (٢).


(١) لسان العرب (٨/ ٤٤٤).
(٢) إعلام الموقعين (١/ ٥٠).

<<  <   >  >>