للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل كان ابن لقمان كافرًا؟

والقول بأن ابن لقمان كان كافرًا قال به أكثر أهل التفسير ونقل ابن عاشور أنه قول الجمهور -يعني: جمهور المفسرين- ثم علل ترجيحه بقوله: «وَأَصْلُ النَّهْيِ عَنِ الشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ حِينَ التَّلَبُّسِ بِالشَّيْءِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَوْ عِنْدَ مُقَارَبَةِ التَّلَبُّسِ بِهِ، وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يَنْهَى عَنْ شَيْءٍ مُنْتَفٍ عَنِ الْمَنْهِيّ». اهـ.

وكذلك قيل: في امرأة لقمان بأنها كانت كافرة، فما زال بهما لقمان حتى أسلما، وهذا القول: -أي: في امرأة لقمان- قال به جمع من أهل التفسير، منهم على سبيل المثال لا الحصر، القرطبي والزَّمَخْشَرِيُّ المعتزلي والألوسي وغيرهم، وهذا القول ليس فيه أي إشارة في موعظة لقمان لا من قريب ولا من بعيد، مما يدل على غرابته أيضًا.

يقول القرطبي: «وذكر القشيري أن ابنه وامرأته كانا كافرين فما زال يعظهما حتى أسلما» (١).

ويقول الألوسي: «قيل: كان ابنه كافرًا ولذا نهاه عن الشرك، فلم يزل يعظه حتى أسلم، وكذا قيل في امرأته» (٢).

ومن القواعد المقررة عند أهل السنة أنه: «من دخل الإسلام بيقين لم يخرج منه إلا بيقين» نص عليها غير واحد من أهل العلم منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية حيث يقول: «وليس لأحد أن يكفر أحدًا من المسلمين، وإن أخطا وغلط، حتى تقام عليه الحجة، وتبين له المحجة، ومن ثبت إسلامه بيقين: لم يَزُلْ ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة» (٣).

والاستدلال بكلام شيخ الإسلام على مانحن بصدده لا يتطابق من كل وجه، ولكن من جهة قاعدة: «ومن ثبت إسلامه بيقين: لم يَزُلْ ذلك عنه بالشك».


(١) القرطبي (١٤/ ٥٩).
(٢) الألوسي (٢١/ ٨٥).
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية (١٢/ ٤٦٦).

<<  <   >  >>