للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَأْنُهُ مُنْقَطِعٌ عَنْ كَلَامِ لُقْمَانَ مُتَّصِلٌ بِهِ فِي تَأْكِيدِ الْمَعْنَى، وَكَوْنُ الشِّرْكِ ظُلْمًا لِمَا فِيهِ مِنْ وَضْعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَكَوْنُهُ عَظِيمًا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ مَنْ لَا نِعْمَةَ إِلَّا مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَمَنْ لَا نِعْمَةَ لَهُ» (١). اهـ.

قال الماوردي: «{يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣] يَعْنِي: عِنْدَ اللَّهِ، وَسَمَّاهُ ظُلْمًا لِأَنَّهُ قَدْ ظَلَمَ بِهِ نَفْسَهُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لِابْنِهِ وَكَانَ مُشْرِكًا» (٢). اهـ.

قال البيضاوي: «{لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ} [لقمان: ١٣] قِيلَ: كَانَ كَافِرًا فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى أَسْلَمَ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]؛ لِأَنَّهُ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ مَنْ لَا نِعْمَةَ إِلَّا مِنْهُ وَمَنْ لَا نِعْمَةَ مِنْهُ» (٣). اهـ.

قال ابن عطية الأندلسي: «وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣] أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ لُقْمَانَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مُنْقَطِعًا مِنْ كَلَامِ لُقْمَانَ، مُتَّصِلًا بِهِ فِي تَأْكِيدِ الْمَعْنَى، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْحَدِيثُ الْمَأْثُورُ: أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: ٨٢] أَشْفَقَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَالُوا: «أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]، فَسَكَنَ إِشْفَاقُهُمْ» (٤). اهـ.

يقول الإمام ابن القيم: «فإن المشرك أجهل الجاهلين بالله؛ حيث جعل له من خلقه ندًا، وذلك غاية الظلم منه، وإن كان المشرك في الواقع لم يظلم ربه، وإنما ظلم نفسه» (٥). اهـ.

- وعن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيُّ الذنب أعظم عند الله؟ قال: «أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك» (٦).


(١) تفسير الألوسي (٢١/ ٨٥).
(٢) تفسير الماوردي (٤/ ٣٣٤).
(٣) تفسير البيضاوي: (٤/ ٢١٤).
(٤) ابن عطية (٧/ ٤٦).
(٥) ابن قيم الجوزية، الجواب الكافي، مكتبة الرياض الحديثة (١/ ٨٣) (ط ١٤٠١ هـ).
(٦) البخاري (٦٠٠١).

<<  <   >  >>