للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: "والإجماع حجة مقطوع عليها، يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ" (١).

وفي نحو ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمدون عليه في العلم والدين، والإجماع الذي ينضبط ما كان عليه السلف الصالح؛ إذ بعدهم كثر الخلاف وانتشرت الأمة" (٢).

ويقرر رحمه الله أيضًا ذلك فيقول: "فدين المسلمين مبني على اتباع كتاب الله وسنة نبيه وما اتفقت عليه الأمة، فهذه الثلاثة أصول معصومة" (٣).

ولذا إذا قال الصحابي عن شيء أو أي أمر ما: "كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "، كان ذلك له حكم المرفوع، ولا يُعد أبدًا حكاية للإجماع، كما أنه لا يُعد دليلًا، لأن الدليل قد تحقق بقول النبي صلى الله عليه وسلم، أو فعله أو تقريره.

ولذا قال الآمدي رحمه الله: "وإجماع الموجودين في زمن الوحي، ليس بحجة في زمن الوحي، بالإجماع، وإنما يكون حجة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- " (٤).

والإجماع هو المصدر الثالث من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم والسنة النبويّة المطهّرة، لذلك حظي بمنزلة هامّة في تفسيره -الطبري-، فكثيرًا ما يستند إليه ويجعله سلطانًا كبيرا في اختيار الأقوال وترجيحها (٥).

فكان الطبري: يقدر له قدره، ويعطيه اعتبارًا كبيرًا فيعمل به ويرتضيه مستند إلى حجيته.


(١) العُدة في أصول الفقه (٤/ ١٠٥٨).
(٢) مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية: (١٣/ ١٥٧).
(٣) مجموع الفتاوى، لشيخ الإسلام ابن تيمية: (٢٠/ ١٦٤).
(٤) الإحكام للآمدي: (١/ ١٠٩).
(٥) الذهبي محمد حسين: التفسير والمفسرون ج ١ ص ٢١٣.

<<  <   >  >>