للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مخالفة الطبري غيره من العلماء في طريقة تناوله للإجماع:

"ومن الناحية الفقهية فالطبري مجتهد لكنه سَلَك طريقةَ خالف غيره فيها بالنسبة للإجماع، فلا يعتبر خلاف الرجل والرجلين، وينقل الإجماع ولو خالف في ذلك رجل أو رجلين، وهذه الطريقة تؤخذ عليه لأن الإجماع لا بد أن يكون من جميع أهل العلم المعتبرين في الإجماع وقد يكون الحق مع هذا الواحد المخالف" (١).

ولذا قد يحكي الإجماع فيقول مثلًا: أجمع أهل الحجة من أهل التأويل، مع أن المسألة قد تجد فيها قولًا لمخالف معتبر.

وفي نحو ذلك يقول رحمه الله: "وما انفرد به من كان جائزًا عليه السهو والغلط، فغير جائز الاعتراض به على الحجة" (٢).

فهو لا يعتد بمخالفة رجل أو رجلين في حكاية الإجماع، بل قد يعتبره شذوذًا، وقد وافق الطبري على ذلك بعض الفقهاء كـ "أحمد بن على الرازي الجصاص الحنفي (ت: ٣٧٠ هـ) " وهو خلاف ما عليه جمهور العلماء.

ولذا تراه رحمه الله يقرر ذلك معتذرًا بأن: "الحفاظ الثقات إذا تتابعوا على نقل شيء بصفة، فخالفهم واحد منفرد ليس له حفظهم كانت الجماعة الأثبات أحقَّ بصحة ما نقلوا من الفرد الذي ليس له حفظهم" (٣).

وإن كان الطبري يُعد من أكثر المفسرين حكاية للإجماع، ومع ذلك فقد قل الانتفاع بهذا الإجماع، وذلك لما سبق ذكره من بيان عدم اعتداده بمخالفة الرجل والرجلين.


(١) يُنظر: القول المفيد على كتاب التوحيد: لابن عثيمين: (١/ ٤٣١).
(٢) تفسير الطبري: (١٦/ ٤)
(٣) تفسير الطبري: (٩/ ٥٦٦).

<<  <   >  >>