للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤. وقال قوم: التفسير بيان وضْع اللفظ؛ إما حقيقةً وإما مجازًا، كتفسير (الصراط) بالطريق و (الصيب) بالمطر، والتأويل تفسير باطن اللفظ، مأخوذٌ من الأَوْل، وهو الرجوع لعاقبة الأمر، فالتأويل إخبارٌ عن حقيقة المراد، والتفسير إخبارٌ عن دليل المراد؛ لأنَّ اللفظ يكشِف عن المراد، والكاشف دليل، مثال ذلك: قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: ١٤]، تفسيره: أنَّه من الرَّصْد، يقال: رصدته؛ أي: رقبته، والمرصاد: مِفْعال منه، وتأويله التحذير مِن التهاون بأمر الله والغَفْلة، والاستعداد للعَرْض عليه، وقواطع الأدلَّة تقتضي بيانَ المراد منه على خِلاف وضْع اللفظ في اللغة (١)، وعلى هذا فالنِّسبة بينهما التباين.

٥. وقال قوم: التأويل: صرْف الآية إلى معنًى محتمل موافِق لِمَا قبلها وما بعدها، غير مخالف للكتاب والسُّنة من طريق الاستنباط، فقد رُخِّص فيه لأهل العلم، والتفسير: هو الكلام في أسباب نزول الآية وشأنِها وقصتها، فلا يجوز إلا بالسماع بعدَ ثبوته من طريق النقْل (٢)، وعليه فالنسبة بينهما التباين أيضًا.

٦. وقال قوم: التفسير يتعلق بالرِّواية، والتأويل يتعلَّق بالدِّراية (٣)، والنسبة بينهما التباين أيضًا

٧. وقال قوم: ما وقع مبيَّنًا في كتاب الله، ومعيَّنًا في صحيح السنة، سُمِّي تفسيرًا؛ لأنَّ معناه قد وضح وظهر، وليس لأحد أن يتعرَّض إليه باجتهاد ولا غيره؛ بل يحمله على المعنى الذي ورَد لا يتعدَّاه، والتأويل: ما استنبطه العلماءُ العاملون لمعانِي الخطاب، الماهرون في آلاتِ العلوم (٤).

٨. وقال قوم: التفسير: هو بيان المعاني التي تُستفاد من وضْع العبارة، والتأويل: هو بيانُ المعاني التي تُستفاد بطريق الإشارة، فالنِّسبة بينهما التباين، وهذا هو المشهورُ عندَ المتأخرين، وقد نبَّه إليه الألوسي في مقدِّمة تفسيره (٥).


(١) الإتقان في علوم القرآن (٤/ ١٦٨)، التفسير والمفسرون (١٠/ ٢٠).
(٢) مقدمة تفسير البغوي (١/ ٤٦)، البرهان في علوم القرآن (٢/ ١٥٠)، الإتقان: (٤/ ١٦٩).
(٣) الإتقان للسيوطي: (٤/ ١٩٦).
(٤) الإتقان: (٤/ ١٦٨، ١٦٩).
(٥) روح المعاني (١/ ٦)، التفسير والمفسرون: (١/ ٢١).

<<  <   >  >>