للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن الجوزي (ت: ٥٩٧ هـ): «قال تعالى: {الْحِكْمَةَ} [لقمان: ١٢] فِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْفَهْمُ وَالْعَقْلُ، قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ.

وَالثَّانِي: النُّبُوَّةُ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ.

القول الأول: أَنَّهُ كَانَ حَكِيمًا وَلَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ.

وَالقول الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا، قَالَهُ الشَّعْبِيُّ، وَعِكْرِمَةُ، وَالسُّدِّيُّ. هَكَذَا حَكَاهُ عَنْهُمُ الْوَاحِدِيُّ، وَلَا يُعْرَفُ، إِلَّا أَنَّ هَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ عِكْرِمَةُ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ» (١).

وقال ابن سعدي (ت: ١٣٧٦ هـ): «وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ، هَلْ كَانَ لُقْمَانُ نَبِيًّا، أَوْ عَبْدًا صَالِحًا؟ وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ عَنْهُ إِلَّا أَنَّهُ آتَاهُ الْحِكْمَةَ» (٢).

ويقول رحمه الله في موضع آخر:

وهذا يدل على ما ذكرنا في تفسير الحكمة أنها العلم بالأحكام، وحكمها ومناسباتها (٣).

ويقول رحمه الله تعالى أيضًا:

فقد يكون الإنسان عالماً ولا يكون حكيماً، وأما الحكمة فهي مستلزمة للعلم بل وللعمل؛ ولهذا فُسِّرت الحكمة بالعلم النافع، والعمل الصالح (٤).

وقال القرطبي (ت: ٦٧١ هـ): «وقال سعيد بن المسيب: أعطاه الله تعالى الحكمة ومنعه النبوة؛ وعلى هذا جمهور أهل التأويل أنه كان وليًّا ولم يكن نبيًّا. وقال بنبوته عكرمة والشعبي؛ وعلى هذا تكون الحكمة النبوة.

والصواب أنه كان رجلًا حكيمًا بحكمة الله -تعالى- وهي الصواب في المعتقدات والفقه في


(١) ابن الجوزي (٦/ ٣١٨).
(٢) تفسير ابن سعدي (١/ ٦٤٨).
(٣) تفسير ابن سعدي (١/ ٦٤٩).
(٤) تفسير ابن سعدي (١/ ٦٤٨).

<<  <   >  >>