للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على إراقة الدماء وسفكها واستحلالها بنفسه بسوء فهمٍ للنصوص أو محاولة لَيِّ عنقها تبعًا للهوى واتباعًا للشيطان وحزبه، فإن مما عُلِمَ من دين الله بالضرورة أن إقامة الحدود أمر منوط بالسلطان.

قال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)} [التوبة: ٥].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله» (١).

ولقد اتفق أهل العلم على أن إقامة الحد أمر مختص بالسلطان أو نائبه.

وما عليه أهل السنة: أن إقامة الحدود حق للإمام لا غير، ولا يجوز لأحد كائنًا من كان أن ينازعه فيه.

قال الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله تعالى: «وقسْمة الفيء، وإقامة الحدود؛ إلى الأئمة ماضٍ، ليس لأحد أن يطعن عليهم، ولا ينازعهم» (٢). اهـ.

يقول القرطبي: «لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر الذين فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعًا أن يجتمعوا على القصاص فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود» (٣).


(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الإيمان، باب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: ٥]، (١/ ١٤) (برقم ٢٥)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، (١/ ٥٣) (برقم ٢٠).
(٢) من «أصول السنة» لأحمد بن حنبل رواية عبدوس بن مالك العطار (ص ٦٦) (برقم: ٣٠) وينظره: عند اللالكائي في (٢) شرح أصول اعتقاد أهل السنة (١/ ١٦٠).
(٣) القرطبي (٢/ ٢٤٥، ٢٦٤).

<<  <   >  >>