للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن القيم: «لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس، إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب والحوت، فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص، فأقبل على الطمع أولًا فاذبحه بسكين اليأْس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص» (١).

أعظم مأمور به وأعظم منهي عنه:

وأَعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ التَّوْحيِدُ، وَهُوَ: إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ، وَأَعْظَمُ مَا نَهَى عَنْهُ الشِّرْكُ، وَهُوَ: دَعْوَةُ غَيْرِهِ مَعَهُ، والدليل قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: ٣٦] (٢).

ويقول سعيد بن جبير: في قوله: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ} [لقمان: ١٧] «يعني: التوحيد، {وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [لقمان: ١٧] يعني: الشرك» (٣).

ومما ورد في دعاء عمر بن عبد العزيز عند موته قوله: «اللهم إني أطعتك في أحب الأشياء إليك وهو التوحيد، ولم أعصك في أبغض الأشياء إليك وهو الكفر، فاغفر لي ما بينهما» (٤).

والقيام بهذه الشعيرة العظيمة يترتب عليه فعل الخير العميم، والنفع العظيم للأمة أفرادًا وجماعات، وتتحقق للأمة خيريتها الموعودة، وينال أهلها الفلاح، ويتحقق لهم كمال الإيمان وعلو الدرجات، وإجابة الدعوات، كما يتحقق لها كمال التأسي بالنبيين والمرسلين عليهم الصلاة والسلام أجمعين، الذين قاموا بهذا الواجب العظيم، وتسلم من الوعيد والعقاب المترتب على إهمال هذا الجانب العظيم، وتتربى الأجيال المسلمة على تعظيم الشريعة بالقيام بحق هذه الشعيرة.


(١) الفوائد (١/ ١٤٩).
(٢) وينظر: ثلاثة الأصول (ص ٤٢).
(٣) الدر المنثور للسيوطي (١١/ ٦٥١).
(٤) ابن الجوزي، سيرة عمر بن عبد العزيز (ص ٢٤٢).

<<  <   >  >>