للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى المدينة أتته أحبار اليهود فقالوا: يا محمد، بلغنا أنك تقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥] تعنينا أم قومك؟ قال: «كُلًّا قد عنيت». قالوا: وإنك تتلو أنا قد أوتينا التوراة وفيها بيان كل شيء، فقال: «هنّ في عِلم الله قليل»؛ فأنزل الله جل وعز: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان: ٢٧] إلى آخر الآيتين» (١).

قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الوَاحِدِيُّ (ت: ٤٦٨ هـ): «قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} الآية.

قال المفسرون: سألت اليهود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الروح، فأنزل الله بمكة: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥]، فلما هاجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا: يا محمد، بلغنا عنك أنك تقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} أفتعنينا أم قومك؟ فقال: «كُلًّا قد عنيت»، قالوا: لست تتلو فيما جاءك أنَّا قد أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هي في علم الله سبحانه قليل وقد آتاكم الله تعالى ما إن عملتم به انتفعتم به»، فقالوا: يا محمد، كيف تزعم هذا وأنت تقول: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: ٢٦٩] فكيف يجتمع هذا؛ علم قليل وخير كثير؟؛ فأنزل الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ} [لقمان: ٢٧] الآية» (٢).

قالَ جَلَالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: ٩١١ هـ): «قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [لقمان: ٢٧]، أخرج ابن جرير عن عكرمة قال: سأل أهل الكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الروح، فأنزل الله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥] فقالوا:


(١) البيان (٢٠٦).
(٢) أسباب النزول (٣٦٣ - ٣٦٤).

<<  <   >  >>