للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب الْحَادِي عشر كَلَام الْخَوَارِج

من كَلَام أبي حمزةَ: تَقْوى اللهِ أكرمُ سَريرة، وأفضلُ ذَخِيرة، مِنْها ثقَةُ الوَاثق، وعليْها مِقَةُ الوَامِق. ليعمَل أمرؤ فِي فكَاك نَفْسِهِ وَهُوَ رخي اللبَب، طويلُ السَبَب، وليعْرفَ مَمدَّ يَدِه، ومَوضِعَ قَدَمِهِ، وليَحْذَر الزَّلَلَ والعلَ الَّتِي تقْطَعُ عَنِ العمَل. رحِمَ اللهُ عبدا آثَرَ التَّقْوىَ، واستشْعرَ وشعارَها واجتنىَ ثمارها. باعَ دَارَ النفدِ بدار الأبَدِ. الدُّنْيا كروْضَة اعتمَّ مَرْعَاهَا، وأعْجَبتْ مَنْ يَراهَا، تمجُّ عروقُها الثرى، وتنظفُ فروعها الندي، حَتَّى إِذا بلغَ العُشْب إناهُ، وانْتَهى الزبرج منتهاه، ضعفَ العُمودُ، وَذَوي العُودُ، وتولي مِن الزَّمان مَالا يُعود، فَحنَتِ الرياحُ الورقَ، وفرقتْ مَا أتسقَ، فأصبحَ هشيماً تذروهُ الرياحُ وَكَانَ اللهُ على كل شَيْء مُقْتَدِراً. كَانَ شبيب يقُولُ: الليلُ يكْفيكَ الجَبَانَ ونِصْفَ الشُّجَاع. أَتَى الحجاجُ بامْرَأة مِنْ الخَوارج، فقالَ لِمنْ حَضَر: مَا تروْنَ فِيها؟ قالُوا: اقْتُلْها. فقالَتْ: جُلُساءُ أخيكَ خيرٌ مِنْ جُلسائكَ: قَالَ: مَنْ أخي؟ قالتْ: فِرْعُونُ: لما شاورَ جُلساءهُ فِي مُوسَى " قَالُوا أرْجِهُ وأخَاهُ وأبعثْ فِي المدَائِنِ حاشرين " فأمَرَ بقَتْلِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>