للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهَا لمخالفتها، فعركها بالعزم الشَّديد حَتَّى أجابت وبالرأي الجليد حَتَّى انقادت، فَأَقَامَ فِيهَا دعائم الْإِسْلَام، وقواعد السّنة الْجَارِيَة، ورواسي الْآثَار الْمَاضِيَة وأعلام أَخْبَار النُّبُوَّة الظَّاهِرَة، وظل خميصاً من بهجتها، قالياً لأثاثها، لَا يرغب فِي زبرجها وَلَا تطمح نَفسه إِلَى جدَّتهَا حَتَّى دعِي فَأجَاب، وَنُودِيَ فأطاع على تِلْكَ الْحَال؛ فاحتذى فِي النَّاس بأَخيه فأخرجها من نَسْله، وصيرها شوري بَين إخْوَته، فَبِأَي أَفعاله يتعلقون؟ وَبِأَيِّ مذاهبه يتمسكون؟ أبطرائقه القويمة فِي حَيَاته، أم بعدله فِيكُم عِنْد وَفَاته، ألهمنا الله وَإِيَّاكُم طَاعَته، وَإِذا شِئْتُم فَفِي حفظ الله وكلاءته.

عَائِشَة بنت عُثْمَان خطبتها بعد مقتل عُثْمَان

قَالَ: كَانَ عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام فِي مَاله بينبع فَلَمَّا قتل عُثْمَان بن عَفَّان خرج إِلَيْهِ عنق من النَّاس يتساعون، تشتد بهم دوابهم فاستطاروا فَرحا، واستفزهم الجذل، حَتَّى قدمُوا بِهِ فَبَايعُوهُ، فَلَمَّا بلغ ذَلِك عَائِشَة ابْنة عُثْمَان صاحت بِأَعْلَى صَوتهَا: يَا ثَارَاتِ عُثْمَان {إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} أفنيت نَفسه، وطل دَمه فِي حرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ، وَمنع من دَفنه؟ اللَّهُمَّ لَو يَشَاء لامتنع، وَوجد من الله عز وَجل حَاكما، وَمن الْمُسلمين ناصرأ، وَمن الْمُهَاجِرين شَاهدا، حَتَّى يفئ إِلَى الْحق من شَذَّ عَنهُ، أَو تطيح هامات وتفرى غلاصم وتخاض دِمَاء، وَلَكِن استوحش مِمَّا أنستم بِهِ، واستوخم مَا استمرأتموه. يَا من اسْتحلَّ حرم الله وَرَسُوله، واستباح حماه، لقد كره عُثْمَان مَا أقدمتم عَلَيْهِ، وَلَقَد نقمتم عَلَيْهِ أقل مِمَّا أتيتم إِلَيْهِ، فراجع فَلم تراجعوه، واستقال فَلم تقيلوه. رَحْمَة الله عَلَيْك يَا أبتاه. أحتسبت نَفسك وَصَبَرت لأمر رَبك، حَتَّى لحقت

<<  <  ج: ص:  >  >>