للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب السَّابِع عشر نَوَادِر جحا

حكى الجاحظُ. أنَّ اسمهُ نوحٌ، وكنيته أَبُو الغُصن، وَأَنه أربى عَليّ المائِةِ، وَفِيه يقولُ عمرُ بنُ أبي ربيعَة: ولَّهتْ عَقْلي وتلقّبتْ بِي ... حَتَّى كَأَنِّي مِنْ جنُوني جُحا ثمَّ أدْرك أَبَا جعْفر، ونزلَ الكوفةَ. قيلَ لجحا: أتعلمتَ الحسابَ؟ قَالَ: نعمْ. فَمَا يُشكلُ على شيءٌ مِنْهُ. قَالَ لَهُ: اقْسم أربعةَ دراهَم على ثَلَاثَة. فَقَالَ: لِرجلَيْنِ دِرْهَمَانِ، دِرْهَمَانِ، وَلَيْسَ للثالثِ شيءٌ وَأَرَادَ المهديُّ أَن يعبث بِهِ فَدَعا النطع والسَّيف، فَلَمَّا أقُعد فِي النطع، وَقَامَ السيافُ على رَأسه وهز سَيْفه، وَرفع إِلَيْهِ رأسهُ. فَقَالَ: انظُر لَا تُصيبُ محاجمي بالسيفِ، فَإِنِّي قد احتجمتُ فَضَحِك المهديُّ وأجَازَه. وَمَاتَتْ لِأَبِيهِ جاريةُ حبشية: فبعثَ بِهِ إِلَى السُّوق ليَشْتَرِي لَهَا كفناً، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ حَتَّى أنفذ غَيره، وَحمل الْكَفَن، وحُمِلتْ جِنازتُها، فجَاء جُحا - وَقد حُملتْ - فَجعل يعدو فِي الْمَقَابِر، وَيَقُول: رَأَيْتُمْ جَنَازَة جَارِيَة حبشية، كفنُها معي؟ وجمحت بِهِ يغلةٌ يَوْمًا، فأخذتْ بِهِ فِي غير الطَّرِيق الَّذِي أرادَه، فَلَقِيَهُ صديقٌ لَهُ. فَقَالَ: أينَ عزمْت يَا أَبَا الغصنِ؟ فَقَالَ: فِي حاجةٍ للبغْلةِ. وَكَانَ يَأْكُل يَوْمًا مَعَ أمه خُبزاً وبقلاً، فَقَالَ لَهَا: يَا أُمي، لَا تأكلي الجرجيرَ فَإِنَّهُ يقيمُ الأير.

<<  <  ج: ص:  >  >>