للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدخل إِلَى ابْن مكرمٍ؛ فَقَالَ لَهُ: كَيفَ أَنْت؟ قَالَ: كَمَا تحب؛ فَقَالَ: فَلم أَنْت مُطلق؟ .

من رسائل أبي العيناء وَكَلَامه المستحسن

كتب إِلَى أبي الْوَلِيد بن أبي دواد: جعلت فدَاك، مسنا وأهلنا الضّر، وبضاعتنا الْمَوَدَّة وَالشُّكْر؛ فَإِن تُعْطِنَا أكن كَمَا قَالَ الشَّاعِر: أَنا الشهَاب الَّذِي يحمي دِيَاركُمْ ... لَا يخمد الدَّهْر إِلَّا ضوءه يقد. وَإِن لم تفعل فلسنا مِمَّن يَلْمِزك فِي الصَّدقَات؛ " فَإِن أعْطوا مِنْهَا رَضوا وَإِن لم يُعْطوا مِنْهَا إِذا هم يسخطون ". قَالَ ابْن مكرم: من زعم أَن عبد الحميد أكتب من أبي العيناء إِذا أحس بكرمٍ أَو شرع فِي طمعٍ فقد وهم. كتب إِلَى عبيد الله بن سُلَيْمَان وَقد نكبه وأباه الْمُعْتَمد، وهما مطالبان بمالٍ، يبيعان لَهُ مَا يملكَانِ من عقار وأثاثٍ، وعبدٍ وأمةٍ. وَأعْطى بخادمٍ أسود لِعبيد الله خَمْسُونَ دِينَارا؛ فَكتب إِلَيْهِ أَبُو العيناء: قد علمت - أَطَالَ الله بَقَاءَك - أَن الْكَرِيم المنكوب أجدى على الْأَحْرَار من اللَّئِيم الموفور لِأَن اللَّئِيم يزِيد مَعَ النِّعْمَة لؤماً، وَلَا تزيد محنة الْكَرِيم إِلَّا كرماً، هَذَا متكلٌ على رازقه، وَهَذَا يسيء الظَّن بخالقه. وَعَبْدك إِلَى ملك كافورٍ فقيرٌ، وثمنه على مَا اتَّصل بِهِ يسير؛ فَإِن سمحت فَتلك مِنْك عادتي، وَإِن أمرت بِأخذ ثمنه فمالك مِنْهُ مادتي. أدام الله لنا دولتك، واستقبل بِالنعْمَةِ نكبتك، وأدام عزك وكرامتك. فوهب الْخَادِم إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو العيناء: قَالَ ملكٌ لِبَنِيهِ: صفوا لي شهواتكم من النِّسَاء. فَقَالَ الْأَكْبَر: تعجبني القدود والخدود والنهود. وَقَالَ الْأَوْسَط: تعجبني الْأَطْرَاف والأعطاف والأرداف. وَقَالَ الْأَصْغَر: تعجبني الشُّعُور والثغور والنحور. كَانَ بَين أبي العيناء وَبَين إِبْرَاهِيم بن رَبَاح خلة ومودة وصداقةٌ قديمَة؛ فَلَمَّا نكب مَعَ الْكتاب فِي أول خلَافَة الواثق أنشأ أَبُو العيناء كلَاما حَكَاهُ عَن

<<  <  ج: ص:  >  >>