الْبَاب الثَّانِي وَالْعشْرُونَ نَوَادِر للعبيد والمماليك
ولي بعض الْأُمَرَاء مولى بعد غيبَة طَوِيلَة فَقَالَ: أَنْت فِي الْأَحْيَاء بعد فَقَالَ: وَأَنا أستخير أَن أَمُوت قبل مولَايَ الْأَمِير. قَالَ بَعضهم: رَأَيْت فِي السُّوق غُلَاما يُنادي عَلَيْهِ، فقدمتُ واستعرضته فَقَالَ: إِن أردْت أَن تشتريني فَاعْلَم أَنِّي قد حَلَفت أَن لَا أنيك مولَايَ أبدا حَتَّى ألْقى الله، فَإِذا إنّه الْمِسْكِين كَانَ مُبلى بِصَاحِب يُؤْذِيه ويستنيكه. استباع غُلَام فَقيل: لم تستبيع؟ قَالَ: لِأَن مولَايَ يُصَلي من قعُود وينيكني من قيام ويلحَن إِذا قَرَأَ الْقُرْآن ويُعرب إِذا زنا بِي. قَالَ الدّارمي لغلامه: بِأبي أَنْت وَأمي لَو كَانَ العِتق مثل الطّلاق لسَررتُك بِوَاحِدَة. اعْترض بَعضهم غُلَاما أَرَادَ شِرَاءَهُ فَقَالَ يَا غُلَام: إِن أشتريتك تُفلح؟ فَقَالَ: فَإِن لم تشتر. قَالَ أَبُو العيناء: أشتُرى للواثق عبدٌ فصيحٌ من الْبَادِيَة، فأتيناه وَجَعَلنَا نكتب عَنهُ كلّ مَا يَقُول، فَلَمَّا رأى ذَلِك مِنّا قلّب طرفه وَقَالَ: إنّ تُرَاب قعرها لملتْهب. يُقَال ذَلِك للرجُل يُسَر النَّاس بِرُؤْيَتِهِ لانتفاعهم بِهِ وأصل ذَلِك: أنّ الْحَافِر يحْفر فَإِن خرج التّراب مُرّا علم أنّ المَاء مِلح وَإِن كَانَ طيّباً علم أنّ المَاء عذب فأنبط وَإِذا خرج طيّباً انتبه الصّبيان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute