للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالله الضحوك مُقبلا، السُّكُوت مُدبرا، خَفِيف على ظهر الْفرس، ثقيل على متن الْعَدو، رفيع الْعِمَاد، كثير الرماد، ترضي الْأَهْل والجانب. قَالَ: فَتَزَوجهَا رجل بعده فَقَالَ: أثني عَليّ كَمَا أثنيت عَلَيْهِ. قَالَت: لَا تحوجني إِلَى ذَلِك فَإِنِّي إِن قلت قلت حَقًا فَأبى، فَقَالَت: إِن أكلك لاقتفاف وَإِن شربك لاشتفاف، وَإنَّك لتنام لَيْلَة تخَاف، وتشبع لَيْلَة تُضَاف.

وصف نسَاء لبناتهن ووصاياهن لَهُنَّ

بعث النُّعْمَان بن امْرِئ الْقَيْس بن عَمْرو بن عدي بن نصر إِلَى نسْوَة من الْعَرَب مِنْهُنَّ فَاطِمَة بنت الخرشب وَهِي من بني أَنْمَار بن بغيض، وَهِي أم الرّبيع بن زِيَاد وَإِخْوَته، وَإِلَى قيلة بنت الحسحاس الأَسدِية وَهِي أم خَالِد بن صَخْر بن الشريد، وَإِلَى تماضر بنت الشريد، وَهِي أم قيس بن زُهَيْر وَإِخْوَته كلهم، وَإِلَى الرواع النمرية، وَهِي أم يزِيد بن الصَّعق فَلَمَّا اجْتَمعْنَ عِنْده. قَالَ: إِنِّي قد أخْبرت بكن، وَأَرَدْت أَن أنكح إلَيْكُنَّ فأخبرنني عَن بناتكن. فَقَالَت: فَاطِمَة عِنْدِي الفتخاء العجزاء، أصفى من المَاء، وأرق من الْهَوَاء، وَأحسن من السَّمَاء. وَقَالَت تماضر: عِنْدِي مُنْتَهى الوصاف، دفيئة اللحاف، قَليلَة الْخلاف. وَقَالَت الرواع: عِنْدِي الحلوة الجهمة، لم تلدها أمة. وَقَالَت قيلة: عِنْدِي مَا يجمع صفاتهن وَفِي ابْنَتي مَا لَيْسَ فِي بناتهن. فَتزَوج إلَيْهِنَّ جَمِيعًا فَلَمَّا أهدين إِلَيْهِ دخل على ابْنة الأنمارية فَقَالَ: مَا أوصتك بِهِ أمك؟ قَالَت: قَالَت لي: عطري جِلْدك، وأطيعي زَوجك، واجعلي المَاء آخرطيبك. ثمَّ دخل على ابْنة السلمِيَّة فَقَالَ: مَا أوصتك بِهِ أمك؟ قَالَت: قَالَت لي: لَا تجلسي بالفناء، وَلَا تكثري من المراء، واعلمي أَن أطيب الطّيب المَاء. ثمَّ دخل على ابْنة النمرية فَقَالَ: مَا أوصتك بِهِ أمك؟ قَالَت: قَالَت لي: لَا تطاوعي زَوجك فتمليه، وَلَا تعاصيه فتشكعيه، واصدقيه الصغار، واجعلي آخر طيبك المَاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>