للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لأعرابي: أنشرب قدحاً من لبن حازر وَلَا تتنحنح؟ قَالَ: نعم فَأَخذه فِي حلقه مثل الزّجاج فَقَالَ: كَبْش أَمْلَح. فَقيل لَهُ: إِنَّك تنحنحت فَقَالَ: من تنحنح فَلَا أَفْلح. وَمد صَوته فَقضى وطره. قَالَ عبيد الله بن زِيَاد بن ظبْيَان: إيَّاكُمْ والطمع فَإِنَّهُ يردي. وَالله لقد هَمَمْت أَن أفتك بالحجاج، فَإِنِّي لواقف على بَابه بدير الجماجم، إِذا بالحجاج قد خرج على دَابَّة، لَيْسَ مَعَه غير غُلَام، فأجمعت على قَتله فَكَأَنَّهُ عرف مَا فِي نَفسِي قَالَ: فَقَالَ: ألقيت ابْن أبي مُسلم؟ قلت: لَا. قَالَ: فالقه فَإِن عَهْدك مَعَه على الرّيّ. قَالَ: فطمعت وكففت فَأتيت يزِيد بن أبي مُسلم فَسَأَلته فَقَالَ: مَا أَمرنِي بِشَيْء. وَقَالَ عَمْرو بن يزِيد الأسيدي: خفنا أَيَّام الْحجَّاج، وَجَعَلنَا نودع متاعنا، وَعلم جَار لنا، فَخَشِيت أَن يظْهر أمرنَا، فعمدت إِلَى سفط فَجعلت فِيهِ لَبَنًا ودفعته إِلَيْهِ، فَمَكثَ عِنْده حَتَّى أمنا. فطلبت مِنْهُ، فَقَالَ لي: أما وجدت أحدا تودعه لَبَنًا غَيْرِي. لَقِي الْحجَّاج أَعْرَابِيًا خَالِيا بفلاة فَسَأَلَهُ عَن نَفسه فَأخْبرهُ بِكُل مَا يكره وَهُوَ لَا يعرفهُ. فَقَالَ: إِن لم أَقْتلك فقتلني الله. قَالَ الْأَعرَابِي: فَأَيْنَ حق الاسترسال؟ فَقَالَ الْحجَّاج: أولى. وَأعْرض عَنهُ.

حِيلَة عَمْرو بن الْعَاصِ

توجه عَمْرو بن الْعَاصِ حَيْثُ فتح قيسارية إِلَى مصر وَبعث إِلَى علجها فَأرْسل إِلَيْهِ: أَن أرسل إِلَيّ رجلا من أَصْحَابك ٣٩٣ ُأكَلِّمهُ. فنظروا فَقَالَ عَمْرو: مَا أرى لهَذَا أحدا غَيْرِي. فَخرج وَدخل على العلج، فَكَلمهُ فَسمع كلَاما لم يسمع مثله قطّ، فَقَالَ: حَدثنِي. هَل فِي أَصْحَابك مثلك؟ قَالَ: لَا تسل عَن هواني عَلَيْهِم؛ إِلَّا أَنهم بعثوني إِلَيْك وعرضوني لَا يَدْرُونَ مَا تصنع بِي. فَأمر لَهُ بجائزة وَكِسْوَة وَبعث إِلَى البواب: إِذا مر بك فَاضْرب عُنُقه، وَخذ مَا مَعَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>