للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنَّها القمَرُ أديبةٌ، فَصيحةٌ. فقالَتْ لَهُ يوْماً: أنَا وأنْتَ فِي الجنَّة جَمِيعًا. قَالَ: وكيْفَ عَلمت؟ قالَتْ: لِأَنِّي ابْتليت بكَ فصَبْرت، وأعْطيتَ مثلىَ فَشَكَرت، والصابرون والشاكرون فِي الْجنَّة. قَتَل زِيَاد رجلا منْ الْخَوَارِج بعْد أنْ سَأَلَهُ عَنْ عثمانَ فتبرأ مِنْهُ، وَعَن معاويةَ فَسَبهُ، وعَنْ نفْسه فقَالَ: إنكَ أولكَ لزينة، وآخركَ لدَعْوَة وأنتَ بعْد - عَاص لربكَ. فأمَرَ بِهِ فضربتْ عَنهُ. ثمَّ قَالَ لمُؤْمِن لَهُ: صفُ لي أمورَه قالَ: أأطنبُ أم أختصرُ؟ قَالَ: بل اختصر. فقالَ مَا أتيْه بِطَعَام بنهار قطُّ، وَلَا فرشت لَهُ فراشا بلَيْل قطّ. كَانَ بِالْمَدِينَةِ رجلٌ من الخَوارج قالَ بعْضهم: فرأيته يَحْذف قنَاديل المسْجدِ بالحصى، فيكْسرها. فقلْت لَهُ: مَا تصْنَع؟ قَالَ: أنَا - كَمَا ترى - شيخٌ كبيرٌ، لَا أقْدر لهُمْ عَلَى أكْر من هَذَا، أغرمُهُمْ قنْديلاً، قنْديلَيْنِ فِي كلِّ يَوْم. وَصلى الله عَلَى مُحَمَّد وَآله. وَهَذَا مُخْتَصر عمله الصاحب رحمهُ الله وَسَماهُ

الْكَشْف عَن مناهج أَصْنَاف الْخَوَارِج

الْحَمد لله رب الْعَالمين. وَصلى الله عَلَى النَّبِي مُحَمَّد، وَآله أَجْمَعِينَ. سألتَ أَن أذكرَ لَكَ ألقابَ طوائف الخوارجِ، وذَرْواً من اختلافها. وَأَنا أثبتُ مَا يحضر حفْظي. عَلَى أنَّ هَذِهِ الألقابَ تجمع أصولاً، وفروعاً، فربَّ طَائِفَة لحقها لقبٌ ثُمَّ تفرّد من جُمْلَتهَا فريق فلحقهم لقبٌ آخر. وَالَّذِي يجمعهُمْ من القَوْل تَكْفِير أَمِير الْمُؤمنِينَ - صلوَات الله عَلَيْهِ وتكفيرُ عُثْمَان، وإنكارُ الْحكمَيْنِ، والبراءةُ مِنْهُمَا، وممَّن حكَّمهما أَو تولى أحدا مِمَّن صوَّبهما. وَأول من حكم بصفيِّن عُروة بن حُدَير: أَخُو أبي بِلَال مرْداس، وَقيل عَاصِم للمحاربي، وَأول من تشرى رجلٌ من يشكُرَ، وَكَانَ أَمِيرهمْ - أولَ مَا اعتزلوا - عبد الله بن الكَوَّاء، وأمير قِتَالهمْ شبت بن ربعي، ثُمَّ بَايعُوا لعبد الله بن وهب الرَّاسِبِي.

ذكر ألقاب فرَقهم مَعَ جمل منْ مذاهبِهم

الْأزَارِقَة: أَصْحَاب نَافِع بن الْأَزْرَق، يبرءُون من القعَدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>